الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُمْ بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ مُحْصَنَٰتٍ غَيْرَ مُسَٰفِحَٰتٍ وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

شرح الكلمات:

المحصنات: جمع محصنة والمراد بها هنا المتزوجة.

إلا ما ملكت إيمانكم: المملوكة بالسبي والشراء ونحوهما.

ما وراء ذلكم: أي ما عداه أي ما عدا ما حرم عليكم.

غير مسافحين: المسافح: الزاني، لأن السفاح هو الزنى.

أجورهن فريضة: مهورهن نحلة.

طولاً: سعة وقدرة على المهر.

المحصنات: العفيفات.

أجورهن: مهورهن.

ولا متخذات أخدان: الخدين الخليل الذي يفجر بالمرأة سراً تحت شعار الصداقة.

فإذا أحصن: بأن أسلمن أو تزوجن إذ الإِحصان يكون بهما.

العنت: العنت الضرر في الدين والبدن.

معنى الآيتين:

ما زال السياق في بيان ما يحرم من النكاح وما يجوز ففي الآية الأولى [24] عطف تعالى على المحرمات في المصاهرة المرأة المتزوجة فقال { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ } أي ذوات الأزواج فلا يحل نكاحهن إلا بعد مفارقة الزوج بطلاق أو وفاة، وبعد انقضاء العدة أيضاً واستثنى تعالى من المتزوجات المملوكة باليمين وهي المرأة تسبى في الحرب الشرعية وهي الجهاد في سبيل الله فهذه من الجائز أن يكون زوجها لم يمت في الحرب وبما أن صلتها قد انقطعت بدار الحرب وبزوجها وأهلها وأصبحت مملوكة أذن الله تعالى رحمة بها في نكاحها ممن ملكها من المؤمنين. ولذا ورد أن الآية نزلت في سبايا أوطاس وهي وقعة كانت بعد موقعة حنين فسبي فيها المسلمون النساء والذراري، فتحرّج المؤمنون في غشيان أولئك النسوة ومنهن المتزوجات فأذن لهم في غشيانهنّ بعد أن تسلم إحداهن وتستبرأ بحيضة، أما قبل إسلامها فلا تحل لأنها مشركة، هذا معنى قوله تعالى: { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ } وقوله: { كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } يريد ما حرمه تعالى من المناكح قد كتبه على المسلمين كتاباً وفرضه فرضاً لا يجوز إهماله أو التهاون به. فكتابَ الله منصوب على المصدرية.

وقوله تعالى: { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ } أي ما بعد الذي حرمه من المحرمات بالنسب وبالرضاع وبالمصاهرة على شرط أن لا يزيد المرء على أربع كما هو ظاهر قوله تعالى في أول السورةمَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ } [النساء: 3] وقوله تعالى { أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ } أي لا حرج عليكم أن تطلبوا بأموالكم من النساء غير ما حرّم عليكم فتتزوجوا ما طاب لكم حال كونكم محصنين غير مسافحين، وذلك بأن يتم النكاح بشروطه من الولي والصداق والصيغة والشهود، إذ أن نكاحاً يتم بغير هذه الشروط فهو السفاح أي الزنى وقوله تعالى { فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً } يريد تعالى: أيما رجل تزوج امرأة فأفضى إليها أي وطئها إلا وجب لها المهر كاملاً، أما التي لم يتم الاستمتاع بها بأن طلقها قبل البناء فليس لها إلا نصف المهر المسمى، وإن لم يكن قد سمى لها فليس لها إلا المتعة، فالمراد من قوله { فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } أي بنيتم بهن ودخلتم عليهن.

السابقالتالي
2 3