الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ ٱنتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } * { لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً } * { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْتَنكَفُواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }

شرح الكلمات:

يا أهل الكتاب: المراد بهم هنا النصارى.

لا تغلوا في دينكم: الغلو: تجاوز الحد للشيء فعيسى عليه السلام عبد الله ورسوله فغلوا فيه فقالوا هو الله.

المسيح: هو عيسى عليه السلام ولقب بالمسيح لأنه ممسوح من الذنوب أي لا ذنب له قط.

كلمته ألقاها: أي قول الله تعالى له { كُنْ } فكان - ألقاها إلى مريم: أوصلها لها وأبلغها إياها وهي قول الملائكة لها إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم.

وروح منه: أي عيسى كان بنفخة جبريل روح الله في كم درعها.

وكيلاً: حفيظاً وشاهداً عليماً.

لن يستنكف: لا يرفض عبوديته لله تعالى أنفة وكبراً.

ويستكبر: يرى نفسه كبيرة فوق ما طلب منه أن يقوله أو يفعله إعجاباً وغروراً.

ولياً ولا نصيراً: أي لا يجدون يوم القيامة ولياً يتولى الدفاع عنهم ولا نصيراً ينصرهم حتى لا يدخلوا النار ويعذبوا فيها.

معنى الآيات:

ما زال السياق مع أهل الكتاب ففي الآية الأولى [171] نادى الرب تبارك وتعالى النصارى بلقب الكتاب الذي هو الإِنجيل ونهاهم عن الغلوّ في دينهم من التنطع والتكلف كالترهب واعتزال النساء وما إلى ذلك من البدع التي حمل عليها الغلوّ، كما نهاهم عن قولهم على الله تبارك وتعالى غير الحق، وذلك بنسبة الولد إليه تعالى عن ذلك علواً كبيراً، وأخبرهم بأن عيسى لم يكن أبداً غير رسول الله وكلمته التي ألقاها إلى مريم حيث بعث إليها جبريل فبشرها بأن الله تعالى قد يهبها غلاماً زكياً، ونفخ وهو روح الله في كم درعها فكان عيسى بكلمة التكوين وهي { كُنْ } وبسبب تلك النفخة من روح الله جبريل عليه السلام فلم يكن عيسى الله ولا ابن الله فارجعوا إلى الحق وآمنوا بالله ورسله جبريل وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، ولا تقولوا زوراً وباطلا: الله ثالث ثلاثة آلهة. انتهوا عن هذا القول الكذب يكن انتهاؤكم خيراً لكم حالاً ومآلاً، إنما الله سبحانه وتعالى إله واحد لا شريك له ولا ند ولا ولد. سبحانه تنزه وعلا وجل وعظم أن يكون له ولد، ولم تكن له صاحبة، ولم يكن ذا حاجة وله ما في السماوات وما في الأرض خلقاً وملكاً وحكماً وتدبيراً، وكفى به سبحانه وتعالى وكيلاً شاهداً عليماً فحسبكم الله تعالى ربّاً وإلهاً فإنه يكفيكم كل ما يهمكم فلا تلتفتون إلى غيره ولا تطلبون سواه.

هذا ما دلت عليه الآية الأولى [171] وأما الآيتان الثانية [172] والثالثة [173] فقد أخبر تعالى أن عبده ورسوله المسيح عليه السلام لن يستنكف أبداً أن يعبد الله وينسب إليه بعنوان العبودية فيقال عبد الله ورسوله، حتى الملائكة المقربون منهم فضلاً عن غيرهم لا يستنكفون عن عبادة الله تعالى وعن لقب العبودية فهم عباد الله وملائكته، ثم توعد تعالى كل من يستنكف عن عبادته ويستكبر عنها من سائر الناس بأنه سيحشرهم جميعاً ويحاسبهم على أعمالهم فأمّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات آمنوا بألوهيّته تعالى وحده وعبدوه وحده بما شرع لهم من أنواع العبادات وهي الأعمال الصالحة فهؤلاء يوفيهم أجورهم كاملة ويزيدهم من فضله الحسنة بعشر أمثالها وقد يضاعف إلى سبعمائة ضعف.

السابقالتالي
2