الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ } * { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }

شرح الكلمات:

وإذا مس الإِنسان: الإِنسان أي المشرك.

ضرٌ: أي مرض أو خوف غرق ونحوه من كل مكروه لا يقدر على دفعه.

دعا ربه منيباً إليه: أي سأل ربّه كشف ما أصابه من ضر راجعاً إليه معرضا عمن سواه.

إذا خوله نعمة منه: أي أعطاه نعمة منه بأن كشف ما به من ضر.

نسي ما كان يدعو إليه من قبل: أي ترك ما كان يتضرع إليه من قبل وهو الله سبحانه وتعالى.

وجعل لله أنداداً: أي شركاء.

ليضل عن سبيله: أي ليضل نفسه وغيره عن الإِسلام.

قل تمتع بكفرك قليلا: أي قل يا نبيّنا لهذا الكافر الضال المضل تهديداً تمتع بكفرك بقية أجلك.

إنك من أصحاب النار: أي أهلها المتأهلين لها بخبث نفوسهم وظلمة أرواحهم.

قانت آناء الليل: أي مطيع لله آناء الليل أي ساعات الليل ساجداً وقائما في الصلاة.

إنما يتذكر أولوا الألباب: أي يتعظ بما يسمع من الآيات أصحاب العقول النيِّرة.

معنى الآيات:

ما زال السياق في تقرير التوحيد وإبطال التنديد، فقال تعالى مخبراً عن حال المشرك بربه المتخذ له أنداداً يعبدها معه { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ } أي سأل ربّه راجعا إليه رافعا إليه يديه يا رباه يا رباه سائلا تفريج ما به وكشف ما نزل به { ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ } حتى إذا فرَّج الله كربه ونجاه، ترك دعاء الله، وأقبل على عبادة غير الله، { وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً } أي شركاء { لِّيُضِلَّ } نفسه وغيره. وهنا أمر تعالى رسوله أن يقول له نيابة عن الله تعالى قل يا رسولنا لهذا المشرك الكافر تمتع بكفرك قليلا أي مدة بقية عمرك إنك من أصحاب النار، هكذا هدده ربّه وخوفه بعاقبة أمر الشرك والتنديد لعله ينتهي فيتوب توبة صادقة ويرجع إلى الله رجوعاً حسناً جميلا. هذا ما دلت عليه الآية الأولى [8] أما الآية الثانية [9] فيقول تعالى { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ } أي مطيع لله ورسوله في أمرهما ونهيهما { آنَآءَ ٱلَّيلِ } أي ساعات الليل تراه ساجداً في صلاته أو قائماً يتلو آيات الله في صلاته، وفي نفس الوقت هو يحذر عذاب الآخرة ويسأل الله تعالى أن يقيه منه، ويرجو رحمة ربّه وهي الجنة أن يجعله الله من أهلها أهذا خير أم ذلك الكافر الذي قيل له تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار، والجواب معلوم للعقلاء وقوله تعالى { هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ } محاب الله ومكارهه وهم يعملون على الإِتيان بمحابّ الله تقرباً إليه، وعلى ترك مكارهه تحبُباً إليه، هل يستوي هؤلاء العاملون مع الذين لا يعلمون ما يحب وما يكره فهم يتخبطون في الضلال تخبط الجاهلين؟ والجواب لا يستوون وإنما يتذكر بمثل هذا التزجيه الإِلهي والإِرشاد الرباني أصحاب الألباب أي العقول السليمة الراجحة.

السابقالتالي
2