الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } * { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ }

شرح الكلمات:

وما قدروا الله حق قدره: أي ما عظموا الله حق عظمته ولا عرفوه حق معرفته حين أشركوا في عبادته غيره من أوثانهم.

والأرض جميعا قبضته: أي والأرض بجميع أجزائها قبضته.

والسماوات مطويات: أي والسماوات السبع مطويات بيمينه.

سبحانه وتعالى عما يشركون: أي تقدس وتنزه عما يشرك به المشركون من أوثان.

ونفخ في الصور: أي نفخ إسرافيل نفخة الصعق.

ثم نفخ فيه أخرى: أي مرة أخرى وهي نفخة القيام لرب العالمين.

وأشرقت الأرض بنور ربها: أي أضاءت الأرض بنور الله تعالى حين يتجلى لفصل القضاء.

ووضع الكتاب: أي كتاب الأعمال للحساب.

وجيئ بالنبين والشهداء: أي بالنبيين ليشهدوا على أممهم، والشهداء محمد صلى الله عليه وسلم، وأمته.

وقضي بينهم بالحق: أي بالعدل وهم لا يظلمون لا بنقص حسناتهم ولا بزيادة سيئاتهم.

وهو أعلم بما يفعلون: أي أعلم حتى من العاملين أنفسهم.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } إنه بعد أن قرر تعالى التوحيد وندد بالشرك والمشركين أخبر تعالى ناعياً على المشركين شركهم ودعوتهم نبيه للشرك بأنهم بفعلهم ذلك ما قدروا الله حق قدره أي ما عظموه حق عظمته وذلك لجهلهم به تعالى حين عبدوا معه غيره ودعوا نبيه إلى ذلك، وقوله: { وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } فالذي يجعل الأرض بكل طبقاتها وأجزائها في قبضته والسماوات يطويها بيمينه فالسماوات والأرض جميعا في يده، ويقول أنا الملك أين الملوك. فصاحب هذه القدرة العظمى كيف يعبد معه آلهة أخرى هي أصنام وتماثيل أوثان. ولذا نزه تعالى نفسه بقوله { سُبْحَانَهُ } أي تنزه وتقدس عن الشريك والنظير والصاحبة والولد وعن صفات المحدثين، وتعالى عما يشركون أي ترفع عن أن يكون له شريك وهو رب كل شيء ومليكه.

وقوله تعالى: { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ } الآية هذا عرض لمظاهر القدرة التي يتنافى معها عقلاً وجود من يستحق العبادة معه سبحانه وتعالى، والنافخ في الصور أي البوق إسرافيل قطعا إذْ هو الموكل بالنفخ في الصور فإذا نفخ هذه النفخة صعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، فهذا استثناء دال على أن بعضا من المخلوقات لم يصعق في هذه النفخة، { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ } أي في الصور نفخة { أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } هذه النفخة تسمى نفخة القيام لله رب العالمين لأجل الحساب وقوله تعالى: { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ } أي كتاب الأعمال للحساب { وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ } ليشهدوا على أممهم وجيء بالشهداء وهم أمة محمد يشهدون على الأمم السابقة بأن رسلها قد بلغتهم دعوة الله، وشهادة أمة محمد قائمة على ما أخبرهم تعالى في كتابه القرآن الكريم أن الرسل قد بلغت رسالات ربها لأممها، ويدل لهذا قوله تعالى:

السابقالتالي
2