الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ لِلنَّـاسِ بِٱلْحَقِّ فَـمَنِ ٱهْتَـدَىٰ فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَـلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِـيلٍ } * { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَ قُلْ أَوَلَوْ كَـانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ } * { قُل لِلَّهِ ٱلشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }

شرح الكلمات:

إنا أنزلنا عليك الكتاب بالحق: أي أنزلنا عليك يا رسولنا القرآن بالحق أي ملتبساً به.

وما أنت عليهم بوكيل: أي ليس عليك أمر هدايتهم فتجبرهم على الإِيمان.

الله يتوفى الأنفس حين موتها: أي ينهى حياة العباد بقبض أرواحهم عند نهاية آجالهم.

والتي لم تمت في منامها: أي يتوفاها وقت النوم يحبسها عن التصرف كأنها شيء مقبوض.

فيمسك التي قضى عليها الموت: أي يقبضها لحكمة بالموت عليها حال النوم.

ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى: أي التي لم يحكم بموتها يرسلها فيعيش صاحبها إلى نهاية أجله المعدود له.

إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون: أي في قبض الأرواح وإرسالها، والقدرة على ذلك دلائل وبراهين على قدرة الله تعالى على البعث الذي أنكره المشركون.

أم اتخذوا من دون الله شفعاء: أي أن كفار مكة لا يتفكرون ولو كانوا يتفكرون لما أنكروا البعث، ولا ما اتخذوا من دون الله شفعاء لوضوح بطلان ذلك.

قل أولو كانوا لا يملكون شيئاً: أي قل لهم أيشفع لكم شركاؤكم ولو كانوا لا يملكون شيئاً ينكر عليهم دعواهم الشفاعة لهم وهي أصنام لا تملك ولا تعقل.

قل لله الشفاعة جميعا: أي أخبرهم أن جميع الشفاعات لله وحده فشفاعة الأنبياء والشهداء والعلماء والأطفال مملوكة لله فلا يشفع أحد إلا بإذنه.

وإذا ذكر الله وحده اشمأزت: أي وإذا ذكر الله وحده كقول الرسول صلى الله عليه وسلم لا إله إلا الله نفرت نفوس المشركين وانقبضت وظهر الغضب والسخط في وجوههم.

وإذا ذكر الذين من دونه: أي الأصنام والأوثان التي يعبدونها من دون الله تعالى.

إذا هم يستبشرون: أي فرحون جذلون وذلك لافتتانهم بها ونسيانهم لحق الله تعالى وهو عبادته وحده مقابل خلقه ورزقه لهم.

معنى الآيات:

إن السياق الكريم كان في عرض الصراع الدائر بين الرسول صلى الله عليه وسلم وقومه المشركين فدافع الله تعالى عن رسوله ودفع عنه كل أذى ومكروه وتوعد خصومه بالعذاب في الدنيا والآخرة وهنا يسليه ويصبره فيقول له { إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } أي القرآن { لِلنَّـاسِ } أي لهداية الناس وإصلاحهم { بِٱلْحَقِّ } أي ملتبساً بالحق، فمن اهتدى بالقرآن فآمن وعمل صالحاً فعائد ذلك له حيث ينجو من النار ويدخل الجنة، ومن ضل لعدم قبوله هداية القرآن فأصر على الشرك والمعاصي فإنما يضل على نفسه أي عائد ضلاله على نفسه إذ هو الذي يحرم الجنة ورضا الله تعالى ويُلقى في النار خالداً فيها وعليه غضب من الله لا يفارقه أبداً.

وقوله: { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِـيلٍ } أي لم يوكل إليك أمر هدايتهم فتجد نفسك في هم من ذلك إن عليك إلا البلاغ المبين إنك لم تكلف حفظ أعمالهم ومحاسبتهم عليها، ولا أمر هدايتهم فتجيرهم على ذلك.

السابقالتالي
2