الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } * { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } * { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَٱضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }

شرح الكلمات:

واذكر عبدنا أيوب: أي اذكر يا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عبدنا أيوب بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم.

بنصب وعذاب: أي بضرّ وألم شديد نسب هذا للشيطان لكونه سببا وتأدُّبا مع الله تعالى.

اركض برجلك: أي اضرب برجلك الأرض تنبع عين ماء.

هذا مغتسل بارد وشراب: أي وقلنا له هذا ماء بارد تغتسل منه، وتشرب فتشفى.

ضغثا: أي حزمة من حشيش يابس.

ولا تحنث: بترك ضربها.

نعم العبد: أي أيوب عليه السلام.

إنه أواب: أي رجاع إلى الله تعالى.

معنى الآيات:

ما زال السياق في ذكر قصص الأنبياء ليثبت به فؤاد نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم فقال تعالى له { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ } وهو أيوب بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ } أي دعاه قائلاً { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } أي ألم شديد، وذلك بعد مرض شديد دام مدة تزيد على كذا سنة، وقال في ضراعة أخرى ذكرت في سورة الأنبياءرَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } [الآية: 83] قال تعالىفَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ } [الآية: 84] وقوله { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } أي لما أراد الله كشف الضر عنه قال له اركض برجلك اي اضرب برجلك الأرض ينبع منها ماءٌ فاشرب منه واغتسل تشف ففعل فشفي كأن لم يكن به ضرٌ البتة. وقوله تعالى { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ } أي عوضه الله تعالى عما فقد من أهل وولد، وقوله { رَحْمَةً مِّنَّا } أي كان ذلك التعويض لأيوب رحمة منّا { وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } أي عبرة لأولي القلوب الحيّة الواعية يعلمون بها أن الله قد يبتلي أحب عباده إليه ليرفعه بذلك درجات عالية ما كان ليصل إليها دون الابتلاء في ذات الله والصبر عليه. وقوله { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً } أي قلنا له خذ بيدك ضغثاً أي حزمة من حشيش يابس واضرب به امرأتك ضربة واحدة إذ في الحزمة مائة عود وكان قد حلف أن يضرب امرأته مائة جلدة لما حصل منها من تقصير في يوم من أيام حياتهما، فأفتاه ربُّه تعالى بما ذكر في هذه الآية. وقوله تعالى { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً } أي قد اختبرناه بالمرض وفقد الأهل والمال والولد فوجدناه صابرا، وبذلك أثنى عليه بقوله { نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ } أي أيوب { إِنَّهُ أَوَّابٌ } رجاع إلى ربّه في كل أمره لا يعرف إلا الله.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- تقرير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من طريق هذا القصص الذي لا يتأتى إلا بالوحي الإِلهي.

2- قد يبتلي الله تعالى من يحبه من عباده ليزيد في علوّ مقامه ورفعة شأنه.

3- فضل الصبر وعاقبته الحميدة في الدنيا والآخرة.

4- مشروعية الفتيا وهي خاصة بأهل الفقه والعلم.

5- وجوب الكفارة على من حنث في يمينه.