شرح الكلمات: وإن من شيعته لإِبراهيم: وإن من أشياع نوح على ملته ومنهاجه إبراهيم الخليل عليهما السلام. إذ جاء ربه بقلب سليم: أي أتى ربّه بقلب سليم من الشرك والشك والالتفات إلى غير الرب سبحانه وتعالى. إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون؟: أي حين قال لأبيه وقومه المشركين أي شيء تعبدون؟ أئفكا آلهة دون الله تريدون؟: أي كذبا هو أسوأ الكذب تريدون آلهة غير الله؟ فما ظنكم برب العالمين: أي شيء هو؟ أترون أنه لا يسخط عليكم ولا يعاقبكم فتعبدون غيره وهو ربكم ورب العالمين. فنظر نظرة في النجوم: أي إيهاماً لهم إذ كانوا يؤلهون النجوم. فقال إني سقيم: أي عليل أي ذو سقم وهو المرض والعلة. فتولوا عنه مدبرين: أي رجعوا إلى ما هم فيه وتركوه قابلين عذره. فراغ إلى آلهتهم: أي مال إليها خفية. فراغ عليهم ضربا باليمين: أي بقوة يمينه فكسرها بفأس وحطمها. فأقبلوا إليه يزفُّون: أي يمشون بقوة وسرعة. ما تنحتون: من الحجارة والأخشاب والمعادن كالذهب والفضة. وما تعملون: أي وخلق ما تعبدون من أصنام وكواكب. فقالوا ابنوا له بنيانا: واملأوه حطبا وأضرموا فيه النار فإِذا التهب ألقوه فيه. فجعلناهم الأسفلين: أي المقهورين الخائبين في كيدهم إذ نجّى الله إبراهيم. معنى الآيات: لما ذكر تعالى قصة نوح مقرراً بها نصرة أوليائه وخذلان أعدائه ذكر قصة أخرى هي قصة إبراهيم وهي أكبر موعظة لكفار قريش لأنهم ينتمون إلى إبراهيم ويدَّعون أنهم على ملته وملة ولده إسماعيل فلذا أطال الحديث فيها فقال سبحانه وتعالى { وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ } أي وإن من أشياع نوح الذين هم على ملته ومنهجه إبراهيم خليل الرحمن { إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } أي إذ أتى ربّه بقلب سليم من الشرك والشك والالتفات إلى غير الربّ تعالى في الوقت الذي قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون، منكراً عليهم عبادة الصنام فلو كان في قلبه أدنى التفاتة إلى غيره طمعا أو خوفا ما أمكنه أن يقول الذي قال بل كان في تلك الساعة سليم القلب ليس فيه نظر لغير الله تعالى وقوله { أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ } أي أكذباً هو أسوأ الكذب تريدون آلهة غير الله حيث جعلتموها بكذبكم بألسنتكم آلهة وهي أحجار وأصنام. وقوله { فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } وقد عبدتم الكذب دونه إذ آلهتكم ما هي إلا كذب بحت. أترون أن الله لا يسخط عليكم ولا يعاقبكم؟ وقوله { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } هنا كلام محذوف دل عليه المقام وهو أن أهل البلد قد عزموا على الخروج إلى عيد لهم يقضونه خارج البلد، فعرضوا عليه الخروج معهم فاعتذر بقوله إني سقيم أي ذو سقم بعد أن نظر في النجوم موهماً لهم أنه رأى ما دله على أنه سيصاب بسقم وهو مرض الطاعون وكان القوم منجمين ينظرون إلى النجوم فيدعون أنهم يعرفون بذلك الخير والشرك الذي ينزل إلى الأرض بواسطة الكواكب فأوهمهم بذلك فتركوه خوفا من عدوى الطاعون، أو تركوه قبولا لعذره هذا ما دل عليه قوله تعالى { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } { فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ } أي لذلك ورجعوا إلى أمورهم وما هم عازمون عليه من الخروج إلى العيد خارج البلد وهو معنى فتولوا عنه مدبرين وهنا وقد خلا له المكان الذي فيه الآلهة من الحراس والعباد والزوار للآلهة في بهوها الخاص فنفذ ما حلف على تنفيذه في مناظرة كانت بينه وبين بعضهم إذ قال