الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَٱسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ } * { أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ } * { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ } * { وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { أَصْطَفَى ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ } * { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } * { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * { أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ } * { فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } * { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ }

شرح الكلمات:

فاستفتهم: أي استخبر كفار مكة توبيخا لهم وتقريعاً.

ولهم البنون: أي فيختصون بالأفضل الأشرف.

ليقولون ولد الله: أي لقولهم الملائكة بنات الله.

اصطفى البنات: أي اختار البنات على البنين.

أفلا تذكرون: أي إن الله تعالى منزه عن الصاحبة والولد.

أم لكم سلطان مبين: أي ألكم حجة واضحة على صحة ما تدعون.

فأتوا بكتابكم: أي الذي تحتجون بما فيه، ومن أين لكم ذلك.

وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا: إذ قالوا الملائكة بنات الله.

ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون: أي في العذاب.

سبحان الله عما يصفون: أي تنزيها لله تعالى عما يصفونه به من كون الملائكة بنات له.

إلا عباد الله المخلصين: أي فإِنهم ينزهون ربهم ولا يصفونه بالنقائص كهؤلاء المشركين.

معنى الآيات:

بعد تقرير البعث والتوحيد والنبوة في السياق السابق بالأدلة والحجج والبراهين القاطعة أراد تعالى إبطال فرية من أسوأ الفرى التي عرفتها ديار الجزيرة وهي قول بعضهم إن الله تعالى قد أصهر إلى الجن فأنجب الملائكة وهم بنات الله، وهذا لا شك أنه من إيحاء الشيطان لإِغواء الإِنسان وإضلاله فقال تعالى لرسوله استفتهم أي استخبرهم موبخا لهم مقرّعا قائلا لهم { أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ } ، أي أما تخجلون عندما تنسبون لكم الأسنى والأشرف وهو البنون، وتجعلون لله الآخس والأدنى وهو البنات وقوله تعالى { أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ } أي حضروا يوم خلقنا الملائكة فعرفوا بذلك أنهم إناث، والجواب لا إنهم لم يشهدوا خلقهم إذاً فلم يكذبون وقوله تعالى { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } أي ألا إن هؤلاء المشركين الضالين من كذبهم الذي عاشوا عليه واعتادوه يقولون ولد الله وذلك بقولهم الملائكة بنات الله، وإنهم وربّ العزة لكاذبون في قيلهم هذا الذي هو صورة لإِفكهم الذي يعيشون عليه. وقوله تعالى { أَصْطَفَى ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ } هذا توبيخ لهم وتقريع أصطفى أي هل الله اختار البنات على البنين فلذا جعلهم إناثاً كما تزعمون. ما لكم كيف تحكمون هذا الحكم الباطل الفاسد. أفلا تذكرون فتذكروا أن الله تعالى منزه عن الصاحبة والولد أم لكم سلطان مبين أي ألكم حجة قوية تثبت دعواكم والحجة القوية تكون بوحي من الله في كتاب أنزله يخبر فيه بما تقولون إذاً { فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ } الذي فيه ما تدعون { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } في زعمكم.

ومن أين لكم الكتاب، وقد كفرتم بكتابكم الذي نزل لهدايتكم وهو القرآن الكريم. وهكذا أبطل الله هذه الفرية بأقوى الحجج. وقوله تعالى: { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ } أي بين الله تعالى { وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً } بقولهم أصهر الله تعالى إلى الجن فتزوج سروات الجن إذ سألهم أبو بكر: من أمهات الملائكة فقالوا سروات الجن وقوله تعالى { وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } أي في العذاب، فكيف يكون لهم نسب ويعذبهم الله بالنار.

السابقالتالي
2