الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ } * { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } * { قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } * { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ } * { أَوَلَـيْسَ ٱلَذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاواتِ وَٱلأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ } * { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } * { فَسُبْحَانَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

شرح الكلمات:

أو لم ير الإنسان: أي المنكر للبعث كالعاصي بن وائل السهمي، وأبيّ بن خلف.

أنا خلقناه من نطفة: أي من منيّ إلى أن صيرناه رجلا قويا.

فإذا هو خصيم مبين: أي شديد الخصومة بيّنها في نفي البعث.

وضرب لنا مثلا: أي في ذلك، إذ أخذ عظما وفته أمام رسول الله وقال أيحيي ربك هذا؟

ونسي خلقه: أي وأنه مخلوق من ماء مهين وأصبح رجلا يخاصم فالقادر على الخلق الأول قادر على الثاني.

من يحيي العظام وهي رميم: أي وقد رمّت وبليت.

من الشجر الأخضر نارا: أي من شجر المرخ والعفار يحك أحدهما على الآخر فتشتعل النار.

بقادر على أن يخلق مثلهم: أي مثل الأناسي.

بلى: أي قادر على ذلك إذ خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس.

إذا أراد شيئا: أي خلق شيء وإيجاده.

بيده ملكوت: أي ملك كل شيء، زيدت التاء للمبالغة في كبر الملك واتساعه.

وإليه ترجعون: أي تردون بعد الموت وذلك في الآخرة.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء تلك العقيدة التي يتوقف عليها غالباً هداية الإِنسان وإصلاحه فقال تعالى ردّا على العاصي بن وائل السهميّ وأبي بن خلف حيث جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم ففته وذراه وقال أتزعم يا محمد أن الله يبعث هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم يميتك ثم يحييك ثم يحشرك إلى جهنم ونزلت هذه الآيات { أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَانُ } أي أينكر البعث وهو يعلم أنا خلقناه من نطفة أي من ماء مهين وسويناه رجلا فإِذا هو خصيم لنا أي مخاصم يرد علينا ويشرك بنا وينكر إحياءنا للأموات وبعثهم يوم القيامة فكيف يعمى هذا العمى ويجهل هذا الجهل القبيح، إذ القادر على البدء قادر عقلا على الإِعادة وهي أهون عليه. وقوله { وَضَرَبَ لَنَا } أي هذا المنكر للبعث مثلا أي جعل لنا مثلا وهو إنكاره علينا قدرتنا على البعث حيث جعل إعادتنا للخلق أمرا عجبا وغريبا إذ قال { مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } أي قد رمّت وبليت. ونسي خلقه من ماء حقير وكيف جعله الله بشرا سويا يجادل ويخاصم فلو ذكر أصل نشأته لخجل أن ينكر إحياء العظام وهي بالية رميم؟ ولما قال من يحيى العظام وهي رميم؟.

وقوله تعالى { قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ } وهذا هو القياس العقلي الجلي الواضح إذ بالبداهة أن من أوجد شيئا من العدم قادر على إيجاد مثله. وقوله { وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ } أي مخلوق عليم فالعلم والقدرة إذا اجتمعا كان من السهل إيجاد ما أُعدم بعد أن كان موجوداً فأُعدم لا سيما أن الموجود من العدم هو المخبر بالإِعادة وبقدرته عليها.

السابقالتالي
2