الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱلله قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } * { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

شرح الكلمات:

وإذا قيل لهم أنفقوا: أي وإذا قال فقراء المؤمنين في مكة للأغنياء الكافرين أنفقوا علينا.

مما رزقكم الله: أي من المال.

أنطعم من لو يشاء الله أطعمه: أي قالوا للمؤمنين استهزاء بهم أنطعم من لو يشاء الله أطعمه.

إن أنتم إلا في ضلال مبين: أي ما أنتم أيها الفقراء إلا في ضلال مبين في اعتقادكم الذي أنتم عليه.

متى هذا الوعد: أي البعث الآخر إن كنتم صادقين فيه.

ما ينظرون إلا صيحة واحدة: أي ما ينتظرون إلا صيحة واحدة وهي نفخة إسرافيل.

تأخذهم وهم يخصمون: أي تأخذهم الصيحة وهم يتخاصمون في البيع والشراء والأكل والشرب إذ تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون.

فلا يستطيعون توصية: أي فلا يقدر أحدهم أن يوصي وصيّة.

ولا إلى أهلهم يرجعون: بل يهلكون في أماكنهم من الأسواق والمزارع والمصانع أو المقاهي والملاهي.

فإذا هم من الأجداث: أي القبور إلى ربهم ينسلون أي يخرجون بسرعة.

قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا: أي قال الكفار: من بعثنا من قبورنا؟

هذا ما وعد الرحمن: أي هذا ما وعد به الرحمن وصدق المرسلون أي فيما أخبروا به.

معنى الآيات:

قوله تعالى { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } أي وإذا قيل لأولئك المشركين المكذبين الملاحدة والقائل هم المؤمنون فقد روي أن أبا بكر الصديق كان يطعم مساكين المسلمين فلقيه أبو جهل فقال يا أبا بكر أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء؟ قال: نعم. قال: فما باله لا يطعمهم؟ قال ابتلى قوماً بالفقر وقوماً بالغنى وأمر الفقراء بالصبر، وأمر الأغنياء بالإِعطاء، فقال أبو جهل، والله يا أبا بكر إن أنت إلا في ضلال مبين. أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء، وهو لا يطعمهم ثم تطعمهم أنت فنزلت هذه الآية وبهذه الرواية اتضح معنى الآية الكريمة { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } أي للكفار { أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱلله } على المساكين { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } الآمرين لهم بالإِنفاق { أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } قالوا هذا استهزاء وكفروا { إِنْ أَنتُمْ } أي ما أنتم أيها المسلمون { إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي إلا في ذهاب عن الحق وجور عن الرشد مبين لمن تأمله وتدبّر فيه.

وقوله { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي ويقول أولئك الملاحدة المكذبون بالبعث استهزاء واستعجالا: متى هذا الوعد الذي تعدوننا به أيها المسلمون إن كنتم صادقين في دعواكم.

قال تعالى { مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً } وهي نفخة إسرافيل في الصور وهي نفخة الفناء { تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } أي يختصمون في أسواقهم يبيعون ويشترون، وفي مجالسهم العامة والخاصة إذ تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون قال تعالى { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً } يوصي بها أحدهم لابنه أو أخيه، ولا إلى أهلهم أي منازلهم وأزواجهم وأولادهم يرجعون بل يصعقون في أماكنهم.

السابقالتالي
2