الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ ٱلْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ } * { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ }

شرح الكلمات:

ثمرات مختلفا ألوانها: أي كأحمر وأخضر وأصفر وأزرق وغيره.

ومن الجبال جدد: أي طرق في الجبال إذ الجدة الطريق ومنه جادة الطريق.

بيض وحمر مختلف ألوانه: أي طرق وخطط في الجبال ذوات ألوان كالجبال أيضا.

وغرابيب سود: منها الأبيص والأصفر والأسود الغربيب.

ومن الناس والدواب والأنعام: فمنها أبيض وهذا أحمر وهذا أسود.

مختلف ألوانه كذلك: أي كاختلاف الثمار والجبال والطرق فيها.

إنما يخشى الله من عباده العلماء: أي العالمين بجلاله وكماله، إذ الخشية متوقفة على معرفة المخشيّ.

يتلون كتاب الله: أي يقرأونه تعبداً به.

تجارة لن تبور: أي لن تهلك ولن تضيع بدون ثواب عليها.

غفور شكور: أي غفور لذنوب عباده التائبين شكور لأعمالهم الصالحة.

معنى الآيات:

هذا السياق الكريم { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } في بيان تفاوت المخلوقات واختلافاتها فمن مؤمن إلى كافر، ومن صالح إلى فاسد ومن أبيض إلى أحمر أو أسود وابتدأه تعالى بخطاب رسوله مقرراً له بقوله { أَلَمْ تَرَ } أي ألم تبصر بعينك أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ما بين تمر أصفر وآخر أحمر، وآخر أسود وهذا واضح في التمر والعنب والفواكه والخضر، ومن الجبال كذلك. فإن فيها جدد أي خطط حمراء وصفراء وبيضاء وسوداء والجبال نفسها كذلك، ومن الناس والدواب والأنعام ففي جميعها الأبيض والأسود والأحمر والأصفر كما في جدد الجبال نفسها وكما في الثمار. ولما كان هذا لا يدركه إلا المفكرون ولا يجنى منه العبرة إلا العالمون قال تعالى { إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ } وأهل مكة جهال لا يفكرون ولا يهتدون فلا غرابة إذا لم يخشوا الله تعالى ولم يوحدوه وذلك لجهلهم وعدم تفكيرهم.

وقوله تعالى في ختام السياق: { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } كشف عن حقيقة ينبغي أن يعرفها أهل مكة المصرون على الكفر والتكذيب وهي أن الله قادر على أخذهم والبطش بهم فإنه عزيز لا يمانع فيما يريده وغفور لذنوب التائبين من عباده ومهما كانت ذنوبهم إلا فليتب أهل مكة فإن توبتهم خير لهم من إصرارهم على الشرك والكفر والتكذيب إذ في التوبة نجاة، وفي الإِصرار هلاك.

وقوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ ٱللَّهِ } وهم المؤمنون { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } أدوها أداء وافيا لا نقص فيه { وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً } الزكاة والصدقات بحسب الأحوال والظروف سراً أحياناً وعلانية أحياناً أخرى. يُخبر تعالى عنهم بعدما وصفهم بما شرفهم به من صفات أنهم يرجون تجارة لن تبور أي لن تهلك ولن تخسر وذلك يوم القيامة وقوله { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } أيْ هداهم لذلك ووفقهم إليه تعالى ليوفيهم أُجورهم ويزيدهم من فضله. وعلة ذلك أنه غفور لعباده المؤمنين التائبين فيغفر ذنوبهم ويدخلهم جنته شكور لطاعاتهم وصالح أعمالهم فلذا يضاعف لهم أجورهم ويزيدهم من فضله وله الحمد والمنة.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- بيان مظاهر القدرة والعلم الإِلهي في اختلاف الألوان والطباع والذوات.

2- العلم سبيل الخشية فمن لا علم له بالله فلا خشية له إنما يخشى الله من عباده العلماء.

3- فضل تلاوة القرآن الكريم وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصدقات.

4- في وصف الله تعالى بالغفور والشكور ترغيب للمذنبين أن يتوبوا، وللعاملين أن يزيدوا.