الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } * { وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } * { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَزَآءُ ٱلضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمْ فِي ٱلْغُرُفَاتِ آمِنُونَ } * { وَٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِيۤ آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } * { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ }

شرح الكلمات:

إلا قال مترفوها: أي رؤساؤها المنعمون فيها من أهل المال والجاه.

نحن أكثر أموالاً وأولاداً: أي من المؤمنين.

يبسط الرزق لمن يشاء: امتحاناً أيشكر العبد أم يكفر.

ويقدر: أي يضيق ابتلاء أيصبر المرء أم يسخط.

ولكن أكثر الناس لا يعلمون: أي الحكمة في التوسعة على البعض والتضييق على البعض.

تقربكم عندنا زلفى: أي قربى بمعنى تقريباً.

إلا من آمن وعمل صالحا: أي لكن من آمن وعمل صالحاً هو الذي تقربه تقريباً.

وهم في الغرفات آمنون: أي من المرض والموت وكل مكروه.

والذين سعوا في آياتنا: أي عملوا على إبطال القرآن والإِيمان به وتحكيمه.

معاجزين: أي مقدرين عجزنا وأنهم يفوقوننا فلم نعاقبهم.

وما أنفقتم من شيء: أي من مال في الخير.

وهو خير الرازقين: أي المعطين الرزق. أما خلق الرزق فهو لله تعالى وحده.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ } هذا شروع في تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم ببيان حال من سبق من الأمم وما واجهت به رسلها فقال تعالى { وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ } أي مدينة من المدن { مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ } أي أهل المال والثروة المتنعمون بألوان المطاعم والمشارب والملابس والمراكب.

قالوا لرسل الله { إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } فردوا بذلك دعوتهم. { وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً } فاعتزوا بقوتهم، { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } كذبوا بالبعث والجزاء كما أن كلامهم مُشعر بأنهم مغترون بأن ما أعطاهم الله من مال وولد كان لرضاه عنهم وعدم سخطه عليهم. وقوله تعالى { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ } أي قل يا نبينا لأولئك المغترين بأن ما لديهم من مال وولد ناجم عن رضا الله عنهم قل لهم إن ربي جل جلاله يبسط الرزق لمن يشاء امتحاناً له لا لرضى عنه ولا لبغض له، كما أنه يضيق الرزق على من يشاء ابتلاء له لا لبغضه ولا لمحبته، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } ومن بينهم مشركو قريش لا يعلمون أن بسط الرزق كتضييقه عائد إلى تربية الناس بالسراء والضراء امتحاناً وابتلاء. وقوله تعالى: { وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ } يخبر تعالى المشركين المغترين بالمال والولد يقول لهم وما أموالكم ولا أولادكم بالحال التي تقربكم منا وتجعلنا نرضى عنكم وندنيكم منا زلفى أي قربى. { إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً } أي لكن من فعلوا الواجبات والمندوبات { فَأُوْلَـٰئِكَ } أي المذكورون لهم جزاء الضعف، أي جزاء تضاعف لهم حسناتهم فيه، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة، وذلك بسبب عملهم الصالحات { وَهُمْ فِي ٱلْغُرُفَاتِ } أي غرفات الجنة آمنون من الموت ومن كل مكروه ومنغص لسعادتهم.

السابقالتالي
2