الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ بِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَلاَ بِٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ٱلْقَوْلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ } * { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوۤاْ أَنَحْنُ صَدَدنَاكُمْ عَنِ ٱلْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَآءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ بَلْ مَكْرُ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَآ أَن نَّكْفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَجَعَلْنَا ٱلأَغْلاَلَ فِيۤ أَعْنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

شرح الكلمات:

ولا بالذي بين يديه: أي من الكتب السابقة وهي التوراة والإِنجيل.

يرجع بعضهم إلى بعض القول: أي يقول الاتباع كذا ويرد عليهم المتبوعون بكذا وهو المبيّن في الآيات.

أنحن صددناكم عن الهدى: أي ينكر المستكبرون وهم المتبوعون أن يكونوا صدوا التابعين لهم عن الهدى بعد إذْ جاءهم بواسطة رسوله.

بل كنتم مجرمين: أي ظلمة فاسدين مفسدين.

بل مكر الليل والنهار: أي ليس الأمر كما ادعيتم بل مكركم بنا بالليل والنهار هو الذي جعلنا نكفر بالله.

ونجعل له أنداداً: أي شركاء نعبدهم معه فننادُّه بهم.

وأسروا الندامة: أي أخفوها إذ لا فائدة منها أو أظهروها أي أظهروا الندم إذ أسر الندامة له معنيان أخفى وأظهر.

وجعلنا الأغلال في أعناق: أي وجعلنا الأغلال جمع غل حديدة تجعل في عنق المجرم.

هل يجزون إلا ما كانوا يعملون: أي ما يجزون إلا ما كانوا يعملون.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد والبعث والجزاء فيخبر تعالى فيقول: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي من مشركي مكة قالوا للرسول والمؤمنين لن نؤمن بهذا القرآن الذي أنزل على محمد، ولا بالذي أنزل على من تقدمه من الأنبياء كالتوراة والإِنجيل، وذلك لما احتُجَّ عليهم بتقرير التوراة والإِنجيل للتوحيد والنُّبوات والبعث والجزاء قالوا لن نُؤمن بالجميع عناداً ومكابرة. وجحوداً وظلما. ولازم هذا أنهم ظلمة معاندون ومن باب دعوتهم إلى الهدى ستعرض الآيات لهم حالهم يوم القيامة فيقول تعالى لرسوله وهم يسمعون { وَلَوْ تَرَىٰ } يا رسولنا { إِذِ ٱلظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ٱلْقَوْلَ } أي يتحاورون متلاومين. يقول الذين استُضعفوا وهم الفقراء المرءوسون الذين كانوا أتباعاً لكبرائهم وأغنيائهم، يقولون للذين استكبروا عليهم في الدنيا: لولا أنتم أي صرفتمونا عن الإِيمان واتباع الرسول لكنا مؤمنين فيرد عليهم الكبراء بما أخبر تعالى عنهم في قوله: { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوۤاْ أَنَحْنُ صَدَدنَاكُمْ عَنِ ٱلْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَآءَكُمْ } أي ما صددناكم أبداً بل كنتم مجرمين أي أصحاب إجرام وفساد ويرد عليهم المستضعفون قائلين بما أخبر تعالى به عنهم { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ بَلْ مَكْرُ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ } أي بل مكركم بنا في الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً. قال تعالى { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ } أي أخفوها لما رأوا العذاب. قال تعالى: { وَجَعَلْنَا ٱلأَغْلاَلَ فِيۤ أَعْنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي شدت أيديهم إلى أعناقهم بالأغلال وهي جمع غل حديدة يشد بها المجرم، ثم أدخلوا الجحيم إذ كانوا في موقف خارج منهم، وقوله تعالى: { هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي ما يُجْزَونَ إلا ما كانوا يعملون فالجزاء بحسب العمل إن كان خيراً فخير وإن كان شراً فشر، وكانت أعمالهم كلها شرّاً وظلماً وباطلاً.

السابقالتالي
2