الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَٱشْكُرُواْ لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ } * { فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ ٱلْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ } * { ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُواْ وَهَلْ نُجَٰزِيۤ إِلاَّ ٱلْكَفُورَ } * { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ٱلْقُرَى ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا ٱلسَّيْرَ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ } * { فَقَالُواْ رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }

شرح الكلمات:

لقد كان لسبأ في مسكنهم: أي لقد كان لقبيلة سبأ اليمانية في مسكنهم.

آية: أي علامة على قدرة الله وهي جنتان عن يمين وشمال.

بلدة طيبة ورب غفور: أي طيبة المناخ بعيدة عن الأوباء وأسبابها، والله رب غفور.

فأعرضوا: أي عن شكر الله وعبادته.

سيل العرم: أي سد السيل العرم.

ذواتي أُكل خمط وأثلٍ: أي صاحبتي أُكل مُر بشعٍ وشجر الأثل.

ذلك: أي التبديل جزيناهم بكفرهم.

القرى التي باركنا فيها: هي قرى الشام مبارك فيها.

قرىً ظاهرة: أي متواصلة من اليمن إلى الشام.

وقدرنا فيها السير: أي المسافات بينها مقدرة بحيث يقيلون في قرية ويبيتون في أخرى.

فجعلناهم أحاديث: أي لمن جاء بعدهم أي أهلكناهم ولم يبق منهم إلا ذكرهم متداولا بين الناس.

ومزقناهم كل ممزق: أي فرقناهم في البلاد كل التفرق.

إن في ذلك لآيات: أي إن في ذلك المذكور من النعم وسلبها لعبراً.

لكل صبار شكور: أي صبار على الطاعات وعن المعاصي شكور على النعم.

معنى الآيات:

لما ذكر تعالى إنعامه على آل داود وشكرهم له وأخبر أنه قليل من عباده من يشكر إنعامه عليه ذكر أولاد سبأ وأنه أنعم عليهم بنعم عظيمة وأنهم ما شكروها فأنزل بهم نقمته وسلبهم نعمته وذلك جزاء لكل كفور. فقال تعالى { لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ } أي لقد كان لأولاد سبأ وهم الأزد والأشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار، ومن أنمار جنعم وبجيلة ومن أولاد سبأ أربعة سكنوا في الشام وهم لخم وجدام وغسان، وعاملة وأبوهم سبأ هو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. وقوله تعالى { فِي مَسْكَنِهِمْ } أي في مساكنهم { آيَةٌ } أي علامة على قدرة الله وإفضاله على عباده وهي جنتان عن يمين وشمال الوادي أي جنتان عن يمين الوادي وأخرى عن شماله كلها فواكه وخضر، تسقى بماء سد مأرب. كلوا من رزق ربكم أي قلنا لهم كلوا من رزق ربكم واشكروا له أي هذا الإِنعام بالإِيمان به وبرسله وطاعته وطاعة رسله.

وقوله { بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ } أي هذه بلدة طيبة وهي صنعاء اليمن مناخها طيب وتربتها طيبة لا يوجد بها وباء ولا هوام ولا حشرات كالعقارب ونحوها، { وَرَبٌّ غَفُورٌ } يغفر ذنوبكم متى أذنبتم وتبتم واستغفرتم. ولكن أَبْطَرْتُهم هذه النعم فكفروها ولم يشكروا كما قال تعالى { فَأَعْرَضُواْ } بأن كذبوا رسل الله إليهم وعصوا الله ورسله فانتقم الله منهم لإِعراضهم وعدم شكرهم كما هي سنته في عباده. قال تعالى { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ ٱلْعَرِمِ } وذلك بأن خرب السد، وذهبت المياه وماتت الأشجار وأمْحَلَتْ الأرض، وتبدلت قال تعالى: { وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ } أي مُرٍ بشع وهو شجر الأراك وأثل وهو الطرفاء، وشيء من سدر قليل.

السابقالتالي
2