الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَٱلطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلْحَدِيدَ } * { أَنِ ٱعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي ٱلسَّرْدِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ ٱلْقِطْرِ وَمِنَ ٱلْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ٱعْمَلُوۤاْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ } * { فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ ٱلْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ٱلْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ }

شرح الكلمات:

ولقد آتينا داود منا فضلاً: أي نبوة وملكاً.

يا جبال أوِّبى معه: أي وقلنا يا جبال أوِّبي معه أي رجعي معه بالتسبيح.

والطير: أي والطير تسبح أيضاً معه.

وألنَّا له الحديد: أي جعلناه له في اللين كالعجينة يعجنها كما يشاء.

أن اعمل سابغات: أي دروعاً طويلة تستر المقاتل وتقيه ضرب السيف.

وقدر في السرد: أي اجعل المسمار مناسبا للحلقة، فلا يكن غليظاً ولا دقيقاً، أي اجعل المسامير مقدرة على قدر الحلق لما يترتب على عدم المناسبة من فساد الدرع وعدم الانتفاع بها.

ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر: أي وسخرنا لسليمان الريح غدوها أي سيرها من الغداة إلى منتصف النهار مسيرة شهر ورواحها من منتصف النهار إلى الليل شهر كذلك أي مسافة شهر.

وأسلنا له عين القطر: أي وأسلنا له عين النحاس.

ومن يزغ منهم: أي ومن يعدل عن طاعة سليمان فلم يطعه نذقه من عذاب السعير.

من محاريب: جمع محراب المقصورة تكون إلى جوار المسجد للتعبد فيها.

وجفان كالجواب: أي وقصاع في الكبر كالحياض التي حول الآبار يجبى إليها الماء.

وقدور راسيات: أي وقدور كبار ثابتات على الأثافي لكبرها لا تحول.

إلا دابة الأرض: أي الأرضة.

تأكل منسأته: أي عصاه بلغة الحبشة.

فلما خر: أي سقط على الأرض ميتاً.

تبينت الجن: أي انكشف لها فعرفت.

في العذاب المهين: وهو خدمة سليمان في الأعمال الشاقة.

معنى الآيات:

يذكر تعالى في هذا السياق الكريم مظاهر قدرته وإنعامه على عباده المؤمنين ترغيباً في طاعته وترهيباً من معصيته فيقول: { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً } وهو النبوة والزبور " كتاب " والملك. وقلنا للجبال { أَوِّبِي مَعَهُ } أي ارجعي صوت تسبيحه والطير أمرناها كذلك فكان إذا سبح ردد تسبيحه الجبال والطير. وهذا تسخيرٌ لا يقدر عليه إلا الله. وقوله: { وَأَلَنَّا لَهُ ٱلْحَدِيدَ } وهذا امتنان آخر وهو تسخير الحديد له وتليينه حتى لكأنه عجينة يتصرف فيها كما شاء، وقلنا له اعمل دروعا طويلة سابغاتٍ تستتر بها في الحرب، (وقدر في السرد) وقوله { وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً } أي اعملوا بطاعتي وترك معصيتي فأدوا الفرائض والواجبات واتركوا الاثم والمحرمات. وقوله: { إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فيه وعدٌ ووعيد إذ العلم بالأعمال يستلزم الثواب عليها إن كانت صالحة والعقاب عليها إن كانت فاسدة.

وقوله تعالى: { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ } أي سخرنا لسليمان بن داود الريح { غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } أي تقطع مسافة شهر في الصباح، وأخرى في المساء أي من منتصف النهار إلى الليل فتقطع مسيرة شهرين في يوم واحد، وذلك أنه كان لسليمان مركب من خشب يحمل فيه الرجال والعتاد وترفعه الجان من الأرض فإذا ارتفع جاءت عاصفة فتحملها ثم تتحول إلى رخاء فيوجه سليمان السفينة حيث شاء بكل ما تحمله وينزل بها كسفينة فضاء تماماً.

السابقالتالي
2 3