الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَٱلْمُرْجِفُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً } * { مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً } * { سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً }

شرح الكلمات:

لئن لم ينته المنافقون: أي عن نفاقهم وهو إظهار الإِيمان وإخفاء الكفر.

والذين في قلوبهم مرض: أي مرض حب الفجور وشهوة الزنا.

والمرجفون في المدينة: أي الذين يأتون بالأخبار الكاذبة لتحريك النفوس وزعزعتها كقولهم العدو على مقربة من المدينة أو السرية الفلانية قتل أفرادها وما إلى ذلك.

لنغرينك بهم: أي لنسلطنك عليهم ولنحرشنك بهم.

ثم لا يجاورنك فيها إلا قليلا: أي في المدينة إلا قليلا من الأيام ثم يخرجوا منها أو يهلكوا.

ملعونين: أي مبعدين عن الرحمة.

أينما ثقفوا أخذوا: أينما وجدوا أخذوا أسرى وقتلوا تقتيلاً.

سنة الله في الذين خَلَوْا من قبل: أي سن الله هذا سنة في الأمم الماضية أينما ثقف المنافقون والمرجفون أخذوا وقتلوا تقتيلاً.

ولن تجد لسنة الله تبديلا: أي منه تعالى إذ هي ليست أحكاماً يطرأ عليها التبديل والتغيير بل هي سر التشريع وحكمته.

معنى الآيات:

لقد تقدم أن بعض النسوة اشتكين ما يلقينه من تعرض المنافقين لهن عند خروجهن ليلاً لقضاء الحاجة، وأن الله تعالى أمر نساء المؤمنين أن يدنين من جلابيبهن وعلة ذلك أن يعرفن أنهن حرائر فلا يتعرض لهن المنافقون وكان ذلك إجراءً وقائيا لا بد منه، ثم أقسم الجبار بقوله { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ } أي وعزتي وجلالي لئن لم ينته هؤلاء المنافقون من نفاقهم وأعمالهم الاستفزازية والذين في قلوبهم مرض الشهوة وحب الفجور والمرجفون الذين يكذبون الأكاذيب المرجفة أي المحركة للنفوس كقولهم: العدو زاحف على المدينة والسرية الفلانية انهزمت أو قتل أكثر أفرادها لئن لم ينته هؤلاء لنغرينك بهم أي لنحرشنَّك بهم ثم لنسلِّطنَّك عليهم. ثم لا يجاورونك فيها أي في المدينة إلا قليلا، ثم يُخرجوا منها أو يُهلكوا ملعونين أي يخرجون ملعونين أي مطرودين من الرحمة الإِلهية التي تصيب سكان المدينة النبوية، وحينئذٍ أينما ثقفوا أي وجدوا وتُمكن منهم أخذوا أي أسرى وقتلوا تقتيلاً حتى لا يبقى منهم أحد.

هذا ما دلت عليه الآية الأولى [60] { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ.. } والثانية [61] { مَّلْعُونِينَ... } الخ. أما الآية الثالثة [62] سنة الله في الذين خلوا من قبل، أي لقد سن الله تعالى هذا سنة في المنافقين من أنهم إذا لم ينتهوا يلعنون ثم يُسلط عليهم من يأخذهم ويقتلهم تقتيلاً، وقوله: ولن تجد لسنة الله تبديلاً يُخبر تعالى أن ما كان من قبل السنن كالطعام يشبع والماء يروى والنار تحرق والحديد يقطع لا يبدله تعالى بل يبقى كذلك لأنه مبْني على أساس الحِكم التشريعية.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- التنديد بالمنافقين وتهديدهم بامضاء سنة الله تعالى فيهم إذا لم يتوبوا.

2- مشروعية إبعاد أهل الفساد من المدن الإِسلامية أو يتوبوا بترك الفساد والإِفساد، وخاصة المدينة النبوية الشريفة.

3- بيان أن ما كان من الأشياء من قبل السنن لا يتبدل بتبدل الأحوال والظروف بل يبقى كما هو لا يبدله الله تعالى ولا يغيره.