الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } * { ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } * { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } * { ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }

شرح الكلمات:

يدبر الأمر من السماء إلى الأرض: أي أمر المخلوقات طوال الحياة.

ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره: أي يوم القيامة حيث تنتهي هذه الحياة وسائر شؤونها.

ألف سنة مما تعدون: أي من أيام الدنيا.

عالم الغيب والشهادة: أي ما غاب عن الناس ولم يروه وما شاهدوه ورأوه.

بدأ خلق الإِنسان من طين: أي بدأ خلق آدم عليه السلام من طين.

من سلالة من ماء مهين: أي خلق ذريّة آدم من علقة من ماء النطفة.

ثم سواه ونفخ فيه من روحه: أي سوى الجنين في بطن أمه ونفخ فيه الروح فكان حياًّ كما سوى آدم أيضا ونفخ فيه من روحه فكان حياً.

والأفئدة: أي القلوب.

قليلا ما تشكرون: أي ما تشكرون الله على نعمة الايجاد والامداد إلا شكراً قليلا لا يوازي قدر النعمة.

معنى الآيات

ما زال السياق في تقرير التوحيد والنبّوة والبعث والجزاء يذكر مظاهر القدرة والعلم والرحمة والحكمة الإِلهية، فقوله تعالى { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ } أي أمر المخلوقات { مِنَ ٱلسَّمَآءِ } حيث العرش وكتاب المقادير { إِلَى ٱلأَرْضِ } حيث تتم الحياة والموت والصحة والمرض والعطاء والمنع، والغنى والفقر والحرب والسلم، والعز والذل فالله تعالى من فوق عرشه يدبر أمر الخلائق كلها في عوالمها المختلفة، وقوله ثم يعرج أي الأمر إليه في يوم كان مقدارهُ ألف سنة مما يعد الناس اليوم من أيام هذه الدنيا. ومعنى { يَعْرُجُ إِلَيْهِ } في يوم القيامة أي يرد إليه حيث عم الكون الفناء ولم يبق ما يدبر في هذه الأرض لفنائها وفناء كل ما كان عليها. وقوله { ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } أي ما غاب عن الناس وما حضر فشاهدوه أي العالم بكل شيء وقوله العزيز الرحيم: أي الغالب على مراده من خلقه الرحيم بالمؤمنين من عباده، وقوله { ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } أي أحسن خلق كل مخلوق خلقه أي جوّد خلقه وأتقنه وحسنه. وقوله { وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } أي وبدأ خلق آدم من طين وهو الإِنسان الأول، { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ } أي نسل الإِنسان من { سُلاَلَةٍ } وهي العلقة { مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } وهو النطفة، وقوله { ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } أي سوّى آدم ونفخ فيه من روحه، كما سوى الإِنسان في رحم أمه أي سوى خلقه ثم نفخ فيه من روحه فكان إنساناً حياً، وقوله: { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ } أي القلوب أي لتسمعوا وتبصروا وتفقهوا لحاجتكم إلى ذلك لأن حياتكم تتطلب منكم مثل ذلك ومَعَ هذه النعم الجليلة { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } أي لا تشكرون إلاّ شكراً قليلا.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1) بيان جلال الله وعظمته في تدبيره أمر الخلائق.

2) بيان صفات الله تعالى من العلم والعزة والرحمة.

3) بيان كيفية خلق الإِنسان ومادة خلقه.

4) شكر العباد - إن شكروا - لا يوازي نعم الله تعالى عليهم.

5) وجوب شكر النعم بالاعتراف بها وذكرها وحمد الله تعالى عليها وصرفها في مرضاته.