الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلْمَآءَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُلْ يَوْمَ ٱلْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِيَمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَٱنتَظِرْ إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ }

شرح الكلمات:

أو لم يروا أنا نسوق الماء: أي أغفلوا ولم يروا سوقنا للماء للإِنبات والإِخصاب فيدلهم ذلك على قدرتنا.

إلى الأرض الجرز: أي اليابسة التي لا نبات فيها.

تأكل منه أنعامهم: أي مواشيهم من إبل وبقر وغنم.

أفلا يبصرون: أي أعموا فلا يبصرون أن القادر على إحياء الأرض بعد موتها قادر على البعث.

متى هذا الفتح: أي الفصل والحكم بيننا وبينكم يستعجلون العذاب.

ولا هم ينظرون: أي ولا هم يمهلون للتوبة أو الاعتذار.

وانتظر إنهم منتظرون: أي وانتظر يا رسولنا ما سيحل بهم من عذاب إن لم يتوبوا فإِنهم منتظرون بك موتاً أو قتلا ليستريحوا منك.

معنى الآيات:

ما زال السياق في تقرير عقيدة البعث والجزاء التي عليها مدار الإِصلاح الاجتماعي فيقول تعالى { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } أي أغفل أولئك المكذبون بالبعث والحياة الثانية ولم يروا { أَنَّا نَسُوقُ ٱلْمَآءَ } ماء الأمطار أو الأنهار { إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلْجُرُزِ } اليابسة التي ما بها من نبات فنخرج بذلك الماء الذي سقناه إليها بتدابيرنا الخاصة { فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ } وهي إبلهم وأبقارهم وأغنامهم { وَأَنفُسُهُمْ } فالأنعام تأكل الشعير والذرة وهم يأكلون البر والفول ونحوه { أَفَلاَ يُبْصِرُونَ } أي أعموا فلا يبصرون آثار قدرة الله على إحياء الموتى بعد الفناء والبلى كإِحياء الأرض الجزر فيؤمنوا بالبعث الآخر وعليه يستقيموا في عقائدهم وكل سلوكهم. وقوله { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } حكى تعالى عنهم ما يقولونه للمؤمنين لما يُخوفونهم بعذاب الله يقولون لهم متى هذا الفتح أي الحكم والفصل يستعجلونه لخفة أحلامهم وعدم إيمانهم.

وهنا أمر تعالى رسوله أن يقول لهم. فقال { قُلْ يَوْمَ ٱلْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِيَمَانُهُمْ } أي إذا جاء يوم الفتح بيننا وبينكم لا ينفع نفساً كافرة إيمانهم عند رؤية العذاب { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي يؤخرون ويمهلون ليتوبوا ويستغفروا فيتاب عليهم ويغفر لهم إذ سُنّة الله أنّ من عاين العذاب لا تقبل توبته. وقوله تعالى { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } أي فأعرض يا رسولنا عن هؤلاء المكذبين { وَٱنتَظِرْ } ما سينزل بهم من عذاب { إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ } ما قد يصيبك من مرض أو موت أو قتل ليستريحوا منك في نظرهم. كما هم منتظرون أيضاً عذاب الله عاجلا أو آجلا.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1) تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر الأدلة المقررة لها.

2) استعجال الكافرين العذاب دال على جهلهم وطيشهم.

3) بيان أن التوبة لا تقبل عند معاينة العذاب أو مشاهدة ملك الموت ساعة الاحتضار.