الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } * { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

شرح الكلمات:

إذ المجرمون: أي المشركون المكذبون بلقاء ربهم.

ناكسوا رؤوسهم: أي مطأطئوها من الحياء والذل والخزي.

ربنا أبصرنا: أي ما كنا ننكر من البعث.

وسمعنا: أي تصديق ما كانت رسلك تأمرنا به في الدنيا.

فارجعنا: أي إلى دار الدنيا.

لآتينا كل نفس هداها: أي لو أردنا هداية الناس قسراً بدون اختيار منهم لفعلنا.

ولكن حق القول مني: أي وجب وهو لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين.

إنا نسيناكم: أي تركناكم في العذاب.

عذاب الخلد: أي العذاب الخالد الدائم.

بما كنتم تعملون: من سيئات الكفر والتكذيب والشر والشرك.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر أحداثها وما يجري للمكذبين بها في الدار الآخرة قال تعالى: { وَلَوْ تَرَىٰ } يا رسولنا { إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ } وهم الذين أجرموا على أنفسهم فدنسوها بالشرك والمعاصي الحامل عليها التكذيب بلقاء الله، { نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ } أي مطئطئوها خافضوها عند ربهم من الحياء والخزي الذي أصابهم عند البعث. لرأيت أمرا فظيعاً لا نظير له. وقوله تعالى { رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا } هذا قول المجرمين وهم عند ربهم أي يا ربنا لقد أبصرنا ما كنا نكذب به من البعث والجزاء وسمعنا منك أي تصديق ما كانت رسلك تأمرنا به في الدنيا. { فَٱرْجِعْنَا } أي إلى دار الدنيا { نَعْمَلْ صَالِحاً } أي عملا صالحا { إِنَّا مُوقِنُونَ } أي الآن ولم يبق في نفوسنا شك بأنك الإِله الحق، وبأن لقاءك حق، وقوله تعالى: { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } وذلك لما طالب المجرمون بالعودة إلى الدنيا ليعملوا صالحاً فأخبر تعالى أنه ما هناك حاجة إلى ردهم إلى الدنيا ليؤمنوا ويعملوا الصالحات، إذ لو شاء هدايتهم لهداهم قسراً منهم بدون اختيارهم، ولكن سبق أن قضى بدخولهم جهنم فلا بد هم داخلوها وهو معنى قوله: { وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي } أي وجب العذاب لهم وهو معنى قوله { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ } أي الجن { وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } أي من كفار ومجرمي الجن والإِنس معاً.

وقوله { فَذُوقُواْ } أي العذاب والخزي { بِمَا نَسِيتُمْ } أي بسبب نسيانكم { لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ } فلم تؤمنوا ولم تعملوا صالحاً إنا نسيناكم أي تركناكم في العذاب. { وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } من الشرك والمعاصي هذا يقال لهم وهم في جهنم تبكيتاً لهم وتقريعاً زيادة في عذابهم، والعياذ بالله من عذاب النار.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1) التنديد بالإِجرام والمجرمين وبيان حالهم يوم القيامة.

2) بيان عدم نفع الإِيمان عند معاينة العذاب.

3) بيان حكم الله في امتلاء جهنم من كلٍ من مجرمي الإِنس والجن.

4) تقرير حكم السببيّة فالأعمال سبب للجزاء خيراً كان أو شراً.