الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } * { يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } * { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } * { وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ }

شرح الكلمات:

إنها إن تك مثقال حبة: أي توجد زنة حبة من خردل.

فتكن في صخرة: أي في داخل صخرة من الصخور لا يعلمها أحد.

لطيف خبير: أي لطيف باستخراج الحبة خبير بموضعها حيث كانت.

وأمر بالمعروف وانه عن المنكر: أي مُر الناس بطاعة الله تعالى، وانههم عن معصيته.

من عزم الأمور: أي مما أمر الله به عزماً لا رخصة فيه.

ولا تصّعر خدك للناس: أي ولا تُعرض بوجهك عمن تكلمه تكبراً.

مرحا: أي مختالا تمشي خيلاء.

مختال فخور: أي متبختر فخور كثير الفخر مما أعطاه الله ولا يشكر.

واقصد في مشيك: أي إتَّئد ولا تعجل في مشيتك ولا تستكبر.

واغضض من صوتك: أي اخفض من صوتك وهو الاقتصاد في الصوت.

إن أنكر الأصوات: أي أقبح الأصوات وأشدها نكارة عند الناس لأن أوله زفير وآخره شهيق.

معنى الآيات

ما زال السياق الكريم في قصص لقمان عليه السلام فقال تعالى مخبراً عن لقمان بقوله لابنه ثاران { يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ } أي إن تك زنة حبة من خردل من خير أو شر من حسنة أو سيئة { فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ } ويحاسب عليها ويجزي بها، { إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ } أي باستخراجها { خَبِيرٌ } بموضعها وعليه فاعمل الصالحات واجتنب السَّيئات وثق في جزاء الله العادل الرحيم هذا ما دلت عليه الآية الأولى [16] أما الآية الثانية [17] فقد تضّمنت أمر ولدِه باقام الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى في ذلك فقال له ما أخبر تعالى به عنه في قوله: { يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } أي أدها بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها، { وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ } أي بطاعة الله تعالى فيما أوجب على عباده { وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } أي عما حرم الله تعالى على عباده من اعتقاد أو قول أو عمل. { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ } من أذى ممن تأمرهم وتنهاهم، وقوله { إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } أي إن اقام الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى في ذات الله من الأمور الواجبة التي هي عزائم وليست برخص. وقوله تعالى { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ } هذا مما قاله لقمان لابنه نهاه فيه عن خصال ذميمة محرمة وهي التكبر على الناس بأن يخاطبهم وهو معرض عنهم بوجهه لاوٍ عنقه، وهي مشية المرح والاختيال والتبختر، والفخر بالنعم مع عدم شكرها وقوله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } هذا مما قاله لقمان لابنه لما نهاه عن التكبر والاختيال والفخر أخبره أن الله تعالى لا يحب من هذه حاله حتى يتجنبها ولده الذي يعظه بها وبغيرها وقوله في الآية [19] { وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ } أي إمش متَّئداً في غير عجلة ولا إسراع إذ الاقتصاد ضد الإِسراف.

السابقالتالي
2