الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } * { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } * { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ } * { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

شرح الكلمات:

ولقد آتينا لقمان الحكمة: أي أعطينا لقمان القاضي: أي الفقه في الدين والعقل والإِصابة في الأمور.

أن اشكر لله: أي اشكر لله ما أنعم به عليك بطاعته وذكره.

لابنه وهو يعظه: أي ابنه ثاران وهو يعظه أي يأمره وينهاه مرغَّباً له مرهباً.

ووصينا الإِنسان: أي عهدنا إليه ببرهما وهو كف الأذى عنهما والإِحسان إليهما وطاعتهما في المعروف.

وهناً على وهن: أي ضعفاً على ضعف وشدة على شدة وهي الحمل والولادة والإِرضاع.

وفصاله في عامين: أي مدة رضاعه تنتهي في عامين، وبذلك يفصل عن الرضاع.

وإن جاهداك: أي بذلا جهدهما في حملك على الشرك.

وصاحبهما في الدنيا معروفا: أي واصحبهما في حياتهما بالمعروف وهو البر والإِحسان وكف الأذى والطاعة في غير معصية الله.

من أناب إليَّ: أي رجع إليَّ بتوحيدي وطاعتي وطاعة رسولي محمد صلى الله عليه وسلم.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد والتنديد بالشرك والمشركين وهذه القصة اللقمانية اللطيفة مشوقة لذلك قال تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ } أي أعطينا عبدنا لقمان الحكمة وهي الفقه في الدين والإِصابة في الأمور ورأسها مخافة الله تعالى بذكره وشكره الذي هو طاعته في عبادته وتوحيده فيها. وقوله: { أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ } أي وقلنا له اشكر الله خالقك ما أنعم به عليك بصرف تلك النعم فيما يرضيه عنك ولا يسخطه عليك. وقوله تعالى { وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ } أي ومن شكر الله بطاعته فإِن ثمرة الشكر وعائدته للشاكر نفسه بحفظ النعمة والزيادة فيها أما الله فإِنه غني بذاته محمود بفعاله فلا يفتقر إلى خلقه في شيء إذ هم الفقراء إليه سبحانه وتعالى. وقوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ } أي واذكر يا رسولنا لهؤلاء المشركين قول لقمان لابنه وأخص الناس به وهو ينهاه عن الشرك الذي نهيتكم أنا عنه فغضبتم وأصررتم عليه عناداً ومكابره فقال له: بما أخبر به تعالى عنه في قوله: { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ } أي يأمره وينهاه مرغباً له في الخير مرهباً له من الشر: { يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ } أي في عبادته أحداً. وعلل لنهيه ليكون أوقع في نفسه فقال: { إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } والظلم وضع الشيء في غير موضعه ويترتب عليه الفساد والخسران الكبير، وعبادة غير الله وضع لها في غير موضعها إذ العبادة حق الله على عباده مقابل خلقهم ورزقهم وكلاءتهم في حياتهم وحفظهم وقوله تعالى: { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ } أي عهدنا إلى الإِنسان آمرين أياه ببرِّ والديه أي أمه وأبيه، وبرُّهما بذل المعروف لهما وكف الأذى عنهما وطاعتهما في المعروف، وقوله تعالى: { حَمَلَتْهُ } أي الإِنسان أمه أي والدته { وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ } أي ضعفا على ضعف وشدة على أخرى وهي آلام وأتعاب الحمل والطلق والولادة والإِرضاع فلهذا تأكدَّ برُّها فوق برِّ الوالد مرتين لحديث الصحيح:

السابقالتالي
2