الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ } * { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ٱلْقِيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } * { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } * { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }

شرح الكلمات:

ظهر الفساد في البر والبحر: أي ظهرت المعاصي في البر والبحر وتبعها الشر والفساد.

بما كسبت أيدي الناس: أي بسبب ما كسبته أيدي الناس من ظلم واعتداء.

ليذيقهم بعض الذي عملوا: أي تم ذلك وحصل ليذيقهم الله العذاب ببعض ذنوبهم.

لعلهم يرجعون: كي يرجعوا عن المعاصي إلى الطاعة والاستقامة.

قل سيروا في الأرض: أي قل يا رسولنا لأهل مكة المكذبين بك والمشركين بالله سيروا.

عاقبة الذين من قبل: أي كيف كانت نهاية تكذيبهم لرسلهم وشركهم بربهم إنّها هلاكهم.

فأقم وجهك للدين القيم: أي استقم على طاعة ربك عابداً له مبلغاً عنه منفذاً لأحكامه.

لا مرد له من الله: أي لا يرده الله تعالى لأنه قضى بإِتيانه وهو يوم القيامة.

يصدعون: أي يتفرقون فرقتين.

يمهدون: أي يوطئون ويفرشون لأنفسهم في منازل الجنة بإِيمانهم وصالح أعمالهم.

معنى الآيات:

تقدم في السياق الكريم إبطال الشرك بالدليل العقلي إلا أن المشركين مصرون على الشرك وبذلك سيحصل فساد في الأرض لا محالة فأخبر تعالى عنه بقوله في هذه الآية الكريمة [41] فقال { ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } أي انتشرت المعاصي في البر والبحر وفي الجو اليوم فعُبد غير الله واستبيحت محارمه وأوذي الناس في أموالهم وأبدانهم وأعراضهم وذلك نتيجة الإِعراض عن دين الله وإهمال شرائعه وعدم تنفيذ أحكامه. وقوله { بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ } أي بظلمهم وكفرهم وفسقهم وفجورهم. وقوله: ليذيقهم بعض الذي عملوا أي فما يصيبهم من جدب وقحط وغلاء وحروب وفتن إنما أصابهم الله به { لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ } من الشرك والمعاصي لا بكل ما فعلوا إذ لو أصابهم بكل ذنوبهم لأنهى حياتهم وقضى على وجودهم، ولكنه الرحمن الرحيم بعباده اللطيف بهم. وقوله تعالى { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ } قل يا رسولنا لكفار قريش المكذبين لك المشركين بربهم: سيروا في الأرض شمالاً أو جنوباً أو غرباً فانظروا بأعينكم كيف كان عاقبة الذين كذبوا رسلهم وكفروا بربهم من قبلكم إنها كانت دماراً وهلاكاً فهل ترضون أن تكونوا مثلهم. وقوله { كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ } أي كان أكثر أولئك الأقوام الهالكين مشركين فالشرك والتكذيب الذي أنتم عليه هو سبب هلاكهم وخسرانهم وقوله تعالى: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ٱلْقِيِّمِ } أي استقم يا رسولنا أنت والمؤمنون معك على الدين الإِسلامي إذ لا دين يقبل سواه فاعتقدوا عقائده وامتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه وتأدبوا بآدابه وتخلقوا بأخلاقه وأقيموا حدوده وأحلوا حلاله وحرموا حرامه وادعوا إليه وعلّموه الناس أجمعين، واصبروا على ذلك فإِن العاقبة للمتقين وقوله: { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ } أي افعلوا ذلك الذي أمرتكم به قبل مجيء يوم القيامة حيث لم يكن عمل وإنما جزاء، وقوله { لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ } أي إنه لا يرده الله إذا جاء ميعاده لأنه قضى بإِتيانه لا محالة من أجل الجزاء على العمل في الدنيا.

السابقالتالي
2