الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مِّن شُرَكَآئِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كَافِرِينَ } * { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } * { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ فَأُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ }

شرح الكلمات:

ثم إليه ترجعون: أي بعد إعادة الخلق وبعث الناس.

يُبلس المجرمون: أي ييأسوا من النَّجاة وتنقطع حجتهم فلا يتكلمون.

وكانوا بشركائهم كافرين: أي يتبرَّءون منهم ولا يعترفون بهم.

يتفرَّقون: أي ينقسمون إلى سعداء أصحاب الجنة وأشقياء أصحاب النار.

في روضة يحبرون: أي في روضة من رياض الجنة يُسرَّون ويفرحون.

في العذاب محضرون: أي مُدخلون فيه لا يخرجون منه.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر الأدلة وعرض صور حية صادقة لما يتم بعد البعث من جزاء، فقوله تعالى { ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } إعلان واضح صريح قاطع للشك مزيلٌ للَّبس بأن الله ربُّ السماوات والأرض وما بينهما هو الذي بدأ الخلق فخلق ما شاء ثم يميته ثم يعيده، وإليه لا إلى غيره ترجع الخليقة كلها راضية أو ساخطة محبّة أو كارهة، هكذا قرر تعالى عقيدة البعث والجزاء مُدلِّلاً عليها بأقوى دليل وهو وجوده تعالى وقدرته التي لا تُحد وعلمه الذي أحاط بكل شيء وحكمته التي لا يخلو منها عمل، فقال { ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }.

وقوله عز وجل في الآية الثانية عشر [12] { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } هذا عرض لما بعد البعث فذكر أنه لمَّا تقوم الساعة ويُبعث الناس يُبلس المجرمون أي ييأسون من الرحمة وينقطعون عن الكلام لعدم وجود حجة يحتجون بها. وقوله { وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مِّن شُرَكَآئِهِمْ شُفَعَاءُ } أي ولم يكن لهم من يشفع لهم من شركائهم الذين عبدوهم بحجة أنهم يشفعون لهم عند الله، فأيسوا من شفاعتهم وكفروا بهم أيضاً أي أنكروا أنهم كانوا يعبدونهم خوفا من زيادة العذاب. هذه حال المجرمين الذين أجرموا على أنفسهم بالشرك والمعاصي، الحامل عليها تكذيبهم بآيات الله ولقائه. وقوله تعالى { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } هذا عرض آخر يخبر تعالى أنه إذا قامت الساعة تفرق الناس على أنفسهم فريقين فريق في الجنة وفريق في السعير، وبين ذلك مقرونا بعلله فقال: { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي صدَّقوا بالله ربّاً وإلهاً وبمحمد رسولاً وبالإِسلام دينا لا دين يقبل غيره وبالبعث والجزاء حقاً. { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي عبدوا الله تعالى بما شرع لهم من العبادات إذ الصالحات هي المشروع من الطاعات القولية والفعلية فهؤلاء المؤمنون العاملون للصالحات { فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ } من رياض الجنة { يُحْبَرُونَ } أي يُسرُّون ويفرحون بما لاقُوه من الرضوان والنعيم المقيم، وذلك بفضل الله تعالى عليهم وبما هداهم إليه من الإِيمان، وما وفقهم إليه من عمل الصالحات. وقوله: { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ فَأُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } فقد أخبر عن جزائهم مقروناً بعلة ذلك الجزاء وهو الكفر بتوحيد الله تعالى، والتكذيب بالآيات القرآنية وما تحمله من حجج وشرائع وأحكام، وبلقاء الآخرة وهو لقاء الله تعالى بعد البعث للحساب والجزاء، فجزاؤهم أن يحضروا في العذاب دائماً وأبداً لا يغيبون عنه، ولا يفتر عنهم، وهم فيه خالدون.

السابقالتالي
2