الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَمَنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { قُلْ صَدَقَ ٱللَّهُ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ } * { فِيهِ ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ }

شرح الكلمات:

الطعام: اسم لكل ما يطعم من أنواع المأكولات.

حِلٌّ: الحِل: الحلال، وسمي حلالاً لانحلال عقدة الحظر عنه.

بني إسرائيل: أولاد يعقوب الملقب بإسرائيل المنحدرون من أبنائه الأثني عشر إلى يومنا هذا.

حرّم: حظر ومنع.

التوراة: كتاب أنزل على موسى عليه السلام وهو من ذريّة إسرائيل.

فاتلوها: اقرأوها على رؤوس الملأ لنتبين صحة دعواكم من بطلانها.

افترى الكذب: اختلقه وزوره وقاله.

ملة إبراهيم: دينه وهي عبادة الله تعالى بما شرع، ونبذ الشرك والبدع.

حنيفاً: مائلا عن الشرك إلى التوحيد.

ببكة: مكة.

للعالمين: للناس أجمعين.

مقام إبراهيم: آية من الآيات وهو الحجر الذي قام عليه أثناء بناء البيت فارتسمت قدماه وهو صخر فكان هذا آية.

من دخله: الحرم الذي حول البيت بحدوده المعروفة.

آمناً: لا يخاف على نفس ولا مال ولا عرض.

الحج: قصد البيت للطواف به وأداء بقية المناسك.

سبيلاً: طريقاً والمراد القدرة على السير إلى البيت والقيام بالمناسك.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الحجاج مع أهل الكتاب فقد قال يهود للنبي صلى الله عليه وسلم كيف تدعي أنك على دين إبراهيم، وتأكل ما هو محرم في دينه من لحوم الإِبل وألبانها فرد الله تعالى على هذا الزعم الكاذب بقوله: كل الطعام كان حلاً أي حلالاً لبني إسرائيل وهم ذرية يعقوب الملقب بإسرائيل، ولم يكن هناك شيء محرم عليهم في دين إبراهيم اللهم إلا ما حرم إسرائيل " يعقوب " على نفسه خاصة وهو لحوم الإِبل وألبانها لنذر نذره وهو أنه مرض مرضاً آلمه فنذر لله تعالى إن شفاه تَرَكَ أحب الطعام والشراب إليه، وكانت لحوم الإِبل وألبانها من أحب الأطعمة والأشربة إليه فتركها لله تعالى، هذا معنى قوله تعالى: { كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } من قبل أن تنزل التوراة، إذ التوراة نزلت على موسى بعد إبراهيم ويعقوب بقرون عدة، فكيف تدعون أن إبراهيم كان لا يأكل لحوم الإِبل ولا يشرب ألبانها فأتوا بالتوراة فاقرؤوها فسوف تجدون أن ما حرم الله تعالى على اليهود إنما كان لظلمهم واعتدائهم فحرم عليهم أنواعاً من الأطعمة، وذلك بعد إبراهيم ويعقوب بقرون طويلة. قال تعالى في سورة النساء:فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } [الآية: 160] (اليهود)حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } [الآية: 160] وقال في سورة الأنعام:وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ } [الآية: 146].

ولما طُولبوا بالإِتيان بالتوراة وقراءتها بهتوا ولم يفعلوا فقامت الحجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم. وقوله تعالى: فمن افترى على الله الكذب بعد قيام الحجة بأن الله تعالى لم يحرم على إبراهيم ولا على بني إسرائيل شيئاً من الطعام والشراب إلا بعد نزول التوراة باستثناء ما حرم إسرائيل على نفسه من لحمان الإِبل وألبانها، فأولئك هم الظالمون بكذبهم على الله تعالى وعلى الناس.

السابقالتالي
2