الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ }

شرح الكلمات:

شهد: أخبر عن علم بحضوره الأمر المشهود به.

لا إله إلا هو: لا معبود بحق في الأرض ولا في السماء إلا الله تبارك وتعالى.

أولو العلم: أصحاب العلم الصحيح المطابق للواقع وهم الأنبياء والعلماء.

القسط: العدل في الحكم والقول والعمل.

العزيز الحكيم: الغالب ذو العزة التي لا تغلب، الحكيم في كل خلقه وفعله وسائر تصرفاته.

الدين: ما يدان لله تعالى به أي يطاع فيه ويخضع له به من الشرائع والعبادات.

الإِسلام: الإِنقياد لله بالطاعة والخلوص من الشرك والمراد به هنا ملة الإِسلام.

بغياً: ظلما وحسداً.

حاجوك: جادلوك وخاصموك بحجج باطلة واهية.

أسلمت وجهي لله: أخلصت كل أعمالي القلبية والبدنية لله وحده لا شريك له.

ومن اتبعن: كذلك أخلصوا لله كل أعمالهم له وحده لا شريك له.

أوتوا الكتاب: اليهود والنصارى.

الأميين: العرب المشركين سُمُّوا بالأميين لِقِلة مَنْ يقرأ ويكتب فيهم.

أأسلمتم: الهمزة الأولى للإستفهام والمراد به الأمر أي أسلموا خيراً لكم لظهور الحق وانبلاج نوره بينكم بواسطة كتب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

فإن أسلموا: فإن أجابوك وأسلموا فقد اهتدوا إلى سبيل النجاة.

وإن تولوا: أدبروا عن الحق بعد رؤيته وأعرضوا عنه بعد معرفته فلا يضرك أمرهم إذ ما عليك إلا البلاغ وقد بلّغت.

معنى الآيات:

يخبر الجبار عز وجل أنه شهد أنه لا إله إلا هو وأن الملائكة وأولي العلم يشهدون كذلك شهادة علم وحق قامت على مبدأ الحضور الذاتي والفعلي وأنه تعالى قائم في الملكوت كله، علويّه وسفليّه، بالعدل، فلا رب غيره ولا إله سواه، العزيز في ملكه وخلقه الحكيم في تدبيره وتصريفه فلا يضع شيئاً في غير موضعه اللائق به. فرد بهذه الشهادة على باطل نصارى نجران، ومكر اليهود، وشرك العرب، وأبطل كلّ باطلهم سبحانه وتعالى، ثم أخبر أيضاً أن الدين الحق الذي لا يقبل تعالى ديناً سواه، هو الإسلام، القائم على مبدأ الإنقياد الكامل لله تعالى بالطاعة، والخلوص التامّ من سائر أنواع الشرك فقال: { إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ } في حكمه وقضائه الإسلام، وما عداه فلا يقبله ولا يرضاه. ثم أخبر تعالى عن حال نصارى نجران، المجادلين لرسوله، في شأن تأليه عيسى بالباطل فقال { وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ } يريد أن خلاف أهل الكتاب لم يكن عن جهل منهم بالحق ومعرفته ولكن كان عن علم حقيقي وإنما حملهم على الخلاف المسبب للفتن. والحروب وضياع الدين البغي والحسد إذ كل فرقة تريد الرئاسة والسلطة الدينية والدنيوية لها دون غيرها، وبذلك يفسد أمر الدين والدنيا، وهذه سنة بشرية تورط فيها المسلمون بعد القرون المفضلة أيضاً، والتاريخ شاهد.

السابقالتالي
2