الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } * { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَٰشِعِينَ للَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلـٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

شرح الكلمات:

لا يغرنك: لا يكن منك اغترار، المخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم والمراد أصحابه وأتباعه.

تقلب الذين كفروا في البلاد: تصرفهم فيها بالتجارة والزراعة والأموال والمآكل والمشارب.

متاع قليل: تصرفهم ذلك هو متاع قليل يتمتعون به أعواماً وينتهي.

مأواهم جهنم: مآلهم بعد التمتع القليل إلى جهنم يأوون إليها فيخلدون فيها أبداً.

نزلاً من عند الله: النُّزُل: ما يعد للضيف من قرى: طعام وشراب وفراش.

الأبرار: جمع بار وهو المطيع لله ولرسوله الصادق في طاعته.

وما أنزل إليكم: القرآن والسنة، وما أنزل إليهم التوراة والإِنجيل.

خاشعين لله: مطيعين مخبتين له عز وجل.

لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا: لا يجحدون أحكام الله وما أمر ببيانه للناس مقابل منافع تحصل لهم.

اصبروا وصابروا: الصبر حبس النفس على طاعة الله ورسوله، والمصابرة: الثبات والصمود أمام العدو.

ورابطوا: المرابطة: لزوم الثغور منعاً للعدو من التسرب إلى ديار المسلمين.

تفلحون: تفوزون بالظفر المرغوب، والسلامة من المرهوب في الدنيا والآخرة.

معنى الآيات:

ينهى الله تبارك وتعالى دعاة الحق من هذه الأمة في شخصية نبيهم صلى الله عليه وسلم أن يَغُرَّهُمْ أي يخدعهم ما يتصرف فيه أهل الكفر والشرك والفساد من مكاسب وأرَباح وما يتمعون به من مطاعم ومشارب ومراكب، فيظنون أنهم على هدىً أو أن الله تعالى راضٍ عنهم وغير ساخط عليهم، لا، لا، إنما هو متاع في الدنيا قليل، ثم يردون إلى أسوأ مأوى وشر قرار إنه جهنم التي طالما مهدوا لدخولها بالشرك والمعاصي، وبئس المهاد مهدوه لأنفسهم الخلود في جهنم. هذا معنى الآيتين الأولى والثانية وهما قوله تعالى: { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } ، أما الآية الثالثة [198]، وهي قوله تعالى: { لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } فإنها قد تضمنت استدراكاً حسناً وهو لما ذكر في الآية قبلها مآل الكافرين وهو شر مآل جهنم وبئس المهاد، ذكر في هذه الآية مآلُ المؤمنين وهو خير مآل: { جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } ، وما عند الله تعالى من النعيم المقيم في دار السلام خير لأهل الإِيمان والتقوى من الدنيا وما فيها فلا يضرهم أن يكونوا فقراء، معسرين، وأهل الكفر أغنياء موسرين أما الآية الرابعة [199] وهي قوله تعالى: { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ } الآية فإنها تضمنت الرد الإِلهي على بعض المنافقين الذين أنكروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين صلاتهم على النجاشي بعد موته، إذ قال بعضهم انظروا الى محمد وأصحابه يصلون على علج مات في غير ديارهم وعلى غير ملتهم، وهم يريدون بهذا الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين فرد الله تعالى عليهم بقوله: وإن من أهل الكتاب أي اليهود والنصارى لمن يؤمن بالله، وما أنزل إليكم أيها المؤمنون، وما أنزل إليهم في التوراة والإنجيل خاشعين لله، أي خاضعين له عابدين، لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً كسائر اليهود والنصارى حيث يحرفون كلام الله ويبدلونه ويخفون منه ما يجب أن يظهروه ويبينوه حفاظا على منصب أو سمعة أو منفعة مادية، أما هؤلاء وهم عبد الله بن سلام من اليهود وأصحمة النجاشي من النصارى، وكل من أسلم من أهل الكتاب فإنهم المؤمنون حقاً المستحقون للتكريم والإنعام قال تعالى فيهم أولئك لهم أجرهم عند ربهم يوفيهم إياه يوم القيامة إن الله سريع الحساب، إذ يتم حساب الخلائق كلهم في مثل نصف يوم من أيام الدنيا.

السابقالتالي
2