الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ }

شرح الكلمات:

وسارعوا: المسارعة إلى الشيء المبادرة إليه بدون توانٍ ولا تراخ.

إلى مغفرة: المغفرة: ستر الذنوب وعدم المؤاخذة بها. والمراد هنا: المسارعة إلى التوبة بترك الذنوب، وكثرة الاستغفار وفي الحديث: " ما من رجل يذنب ذنبا ثم يتوضأ ثم يصلي ويستغفر الله إلى غفر له ".

وجنة: الجنة دار النعيم فوق السماوات، والمسارعة إليها تكون بالإِكثار من الصالحات.

أُعِدَّتْ: هُيّئتْ وأحضرت فهي موجودة الآن مهيّأة.

للمتقين: المتقون هم الذين اتقوا الله تعالى فلم يعصوه بترك واجب ولا بفعل محرم، وإن حدث منهم ذنب تابوا منه فوراً.

في السراء والضراء: السراء الحال المسرة وهي اليسر والغنى والضراء الحال المضرة وهي الفقر.

والكاظمين الغيظ: كظم الغيظ: حبسه، والغيظ ألم نفسي يحدث إذا أوذي المرء في بدنه أو عرضه أو ماله، وحبس الغيظ: عدم إظهاره على الجوارح بسب أو ضرب ونحوهما للتشفي والانتقام.

والعافين عن الناس: العفو عدم المؤاخذة للمسيء مع القدرة على ذلك.

يحب المحسنين: المحسنون هم الذين يبّرون ولا يسيئون في قول أو عمل.

فاحشة: الفاحشة: الفعلة القبيحة الشديدة القبح كالزنى وكبائر الذنوب.

أو ظلموا أنفسهم: بترك واجب أو فعل محرم فدنسوها بذلك فكان هذا ظلماً لها.

ولم يصروا: أي يسارعون إلى التوبة، لأن الإِصرار هو الشد على الشيء والربط عليه مأخوذ من الصر، والصرة معروفة.

وهم يعلمون: أي أنهم مخالفون للشرع بتركهم ما أوجب، او بفعلهم ما حرم.

ونعم أجر العاملين: الذي هو الجنة.

معنى الآيات:

لما نادى الله تعالى المؤمنين ناهياً لهم أكل الربا آمراً لهم بتقواه عز وجل، وباتقاء النار وذلك بترك الربا وترك سائر المعاصي الموجبة لعذاب الله تعالى ودعاهم إلى طاعته وطاعة رسوله كي يرحموا في دنياهم وأخراهم. أمرهم في الآية الأولى [133] بالمسارعة إلى شيئين الأول مغفرة ذنوبهم وذلك بالتوبة النصوح، والثاني دخول الجنة التي وصفها لهم، وقال تعالى { وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } أي أحضرت وهيئت للمتقين والمسارعة إلى الجنة هي المسارعة إلى موجبات دخولها وهي الإِيمان والعمل الصالح إذ بهما تزكوا الروح وتطيب فتكون أهلاً لدخول الجنة.

هذا ما تضمنته الآية الأولى وأما الآيتان الثانية [134] والثالثة [135] فْقد تضمنتا صفات المتقين الذين أعدت لهم الجنة دار السلام فقوله تعالى: { ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ } هذا وصف لهم بكثرة الإنفاق في سبيل الله، وفي كل أحايينهم من غنىً وفقر وعسر ويسر وقوله: { وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ } وصف لهم بالحلم والكرم النفسي وقوله: { وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ } وصف لهم بالصفح والتجاوز عن زلات الآخرين تكرماً، وفعلهم هذا إحسان ظاهر ومن هنا بشروا بحب الله تعالى لهم فقال تعالى { وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } كما هو تشجيع على الإِحسان وملازمته في القول والعمل وقوله: { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ } وصف لهم بملازمة ذكر الله وعدم الغفلة، ولذا إذا فعلوا فاحشة ذنباً كبيراً أو ظلموا أنفسهم بذنب دون الفاحش ذكروا وعيد الله تعالى ونهيه عما فعلوا فبادروا الى التوبة وهي الإقلاع عن الذنب والندم عن الفعل والعزم على عدم العودة إليه، واستغفار الله تعالى منه.

السابقالتالي
2