الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ قَالُوۤاْ إِنَّا مُهْلِكُوۤ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ } * { قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } * { وَلَمَّآ أَن جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُواْ لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرينَ } * { إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

شرح الكلمات:

بالبشرى: أي إسحاق ويعقوب بعده.

هذه القرية: أي قرية لوط وهي سدوم.

قالوا نحن أعلم بمن فيها: أي قالت الرسل نحن اعلم بمن فيها.

كانت من الغابرين: أي كانت في علم الله وحكمه من الباقين في العذاب.

سيء بهم: أي حصلت لهم مساءة وغم بسبب مخافة أن يقصدهم قومه بسوء.

وضاق بهم ذرعاً: أي عجز عن احتمال الأمر لخوفه من قومه أن ينالوا ضيفه بسوء.

رجزاً: أي عذاباً من السماء.

بما كانوا يفسقون: أي بسب فسقهم وهو إتيان الفاحشة.

ولقد تركنا منها آية: أي تركنا من قرية سدوم التي دمرناها آية بينة وهي خرابها ودمارها وتحولها إلى بحر ميت لا حياة فيه.

لقوم يعقلون: أي يعلمون الأسباب والنتائج إذا تدبروا.

معنى الآيات:

ما زال السياق في قصص لوط عليه السلام، إنه بعد أن ذكرهم وخوفهم عذاب الله قالوا كعادة المكذبين الهالكين فائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين وأنه عليه السلام استنصر ربه تعالى عليهم، واستجاب الله تعالى له وفي هذه الآية بيان ذلك بكيفيته، قال تعالى: { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ } الخليل عم لوط { بِٱلْبُشْرَىٰ } التي هي ولادة ولدٍ له هو إسحاق ومن بعده يعقوب ولد إسحاق عليه السلام كما قال تعالى:فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } [هود: 71]. { قَالُوۤاْ } أي قالت الملائكة لإِبراهيم { إِنَّا مُهْلِكُوۤ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ } يريدون قرية قوم لوط وهي سدوم وعللوا لذلك بقولهم { إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ } أي لأنفسهم بغشيان الذنوب وإتيان الفواحش، ولغيرهم إذ كانوا يقطعون السبيل وهنا قال لهم إبراهيم: { إِنَّ فِيهَا لُوطاً } ليس من الظالمين بل هو من عباد الله الصالحين فأجابته الملائكة فقالوا: { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا } منك يا إبراهيم. { لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ } من الهلاك { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } وذلك لطول عمرها فسوف تهلك معهم لكفرها ومُمَالأَتها للظالمين. وقوله تعالى: { ولما أن جاءت رسلنا لوطاً } أي ولما وصلت الملائكة لوطاً قادمين من عند إبراهيم من فلسطين { سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً } أي استاء بهم وأصابه غم وهم خوفاً من قومه أن يسيئوا إليهم، وهم ضيوفه نازلون عليه ولما رأت ذلك الملائكة منه طمأنوه بما أخبر به تعالى في قوله: { وَقَالُواْ لاَ تَخَفْ } أي علينا { وَلاَ تَحْزَنْ } على من سيهلك من أهلك مع قومك الظالمين. { إِنَّا مُنَجُّوكَ } من العذاب أنت وأهلك أي زوجتك المؤمنة وبنتيك، { إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ } أي العجوز الظالمة فإنها { مِنَ ٱلْغَابِرينَ } الذين طالت أعمارهم وستهلك مع الهالكين. وقوله تعالى في الآية [34]: { إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } أي أخبرت الملائكة لوطاً بما هم فاعلون لقومه وهو قولهم { إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ } أي مدينة سدوم { رِجْزاً } أي عذاباً من السماء وهي الحجارة بسبب فسقهم بإتيانهم الفاحشة التي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين.

السابقالتالي
2