الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ }

شرح الكلمات:

وإبراهيم: أي واذكر إبراهيم على قراءة النصب لإِبراهيم، وعلى قراءة الرفع: ومن المرسلين إبراهيم.

اعبدوا الله واتقوه: أي آمنوا به ووحدوه في عبادته واتقوا أن تشركوا به وتعصوه.

أوثاناً: أصناماً وأحجاراً وصُوَراً وتماثيل.

وتخلقون إفكاً: أي تختلقون الكذب فتقولون في الأصنام والأوثان آلهة وتعبدونها.

فابتغوا عند الله الرزق: أي اطلبوا الرزق من الله الخلاق العليم لا من الأصنام والتماثيل المصنوعة المنحوتة بأيدي الرجال بالمعاول والفؤوس.

واعبدوه: أي بالإِيمان به وتوحيده واشكروه بطاعته.

وإن تكذبوا: أي يا أهل مكة بعد هذا الذي عرضنا عليكم من الآيات والعبر فقد كذب أمم من قبلكم.

وما على الرسول: أي محمد صلى الله عليه وسلم.

إلا البلاغ المبين: وقد بلغ وبين فبرئت ذمته وأنتم المكذبون ستحل بكم نقمة الله.

معنى الآيات:

هذا القصص معطوف على قصص نوح لتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ولتذكير قريش بأنها في إصرارها على الشرك والتكذيب للرسول صلى الله عليه وسلم صائرة إلى ما صار إليه المكذبون من قبل إن لم تتب إلى الله وترجع إليه بالإِيمان والطاعة وترك الشرك والمعاصي قال تعالى: { وَإِبْرَاهِيمَ } أي واذكر يا رسولنا إبراهيم خليلنا { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } البابليين ومن بينهم والده آزَرْ يا قوم { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } أي بتوحيده في عبادته { وَٱتَّقُوهُ } بترك الشرك والعصيان وإلا حلَّت بكم عقوبته ونزل بكم عذابه وقوله { ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ } أي الإِيمان والتوحيد والطاعة خير لكم من الكفر والشرك والعصيان. إذ الأول يجلب الخير والثاني يجلب الشر { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } الخير والشر وتفرقون بينهما وقوله عليه السلام { إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } يخبرهم معرفاً لهم بخطئهم فيقول { إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً } أي أصناماً وتماثيل وعبادة الأصنام والأوثان عبادة باطلة لا تجلب لكم نفعاً ولا تدفع عنكم ضراً. إن الذي يجب أن يعبد الله الخالق الرازق الضار النافع المحيي المميت السميع البصير. أما الأوثان فلا شيء في عبادتها إلا الضلال واتباع الهوى. وقوله لهم { وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } أي وتصنعون كذباً تختلقونه اختلاقاً عندما تقولون في التماثيل والأصنام إنها آلهة. وقوله عليه السلام لقومه { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً } يخبرهم عليه السلام معرفاً لهم بحقيقة هم عنها غافلون وهي أن الذين يعبدونهم من دون الله لا يملكون لهم رزقاً لأنهم لا يقدرون على ذلك فما الفائدة إذاً من عبادتهم وما الحاجة الداعية إليها لولا الغفلة والجهل، ولما أبطل لهم عبادة الأصنام أرشدهم إلى عبادة الله الواحد القهار فقال { فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ } إن كنتم عبدتم الأصنام لذلك فإن الله هو الرزاق ذو القوة المتين فاطلبوا عنده الرزق فإنه مالكه والقادر على إعطائه { وَٱعْبُدُوهُ } بالإِيمان به وبرسوله وبتوحيده { وَٱشْكُرُواْ لَهُ } يرزقكم ويحفظ عليكم الرزق وقوله { إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } ذكّرهم بعلة غفلتهم ومَصْدَر جهلهم وهي كفرهم بالبعث فأعلمهم أنهم إليه تعالى لا إلى غيره يرجعون.

السابقالتالي
2