الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَمَا كُنتَ تَرْجُوۤ أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ } * { وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ ٱللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ ٱلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

شرح الكلمات:

إن الذي فرض عليك القرآن: أي الله الذي أنزل عليك القرآن وفرض عليك قراءته والعمل بما فيه وتبليغه.

لرادك إلى معاد: أي لمرجعك إلى مكة فاتحاً إذ معاد الرجل بلده الذي يعود إليه.

وما كنت ترجو: أي تأمل أن ينزل عليك القرآن ويوحى به إليك.

إلا رحمة من ربك: لكن برحمة من الله وفضل أنزله عليك.

فلا تكونن ظهيراً: أي فمن شكر هذه النعمة أن لا تكون معيناً للكافرين.

ولا يصدنك: أي لا يصرفنك عن العمل بآيات الله بعد أن شرفك الله بإنزالها عليك.

وادع إلى ربك: أي ادع الناس إلى الإِيمان بالله وعبادته وترك الشرك به.

ولا تدع مع الله إلهاً آخر: أي لا تعبد مع الله إلهاً آخر بدعائه والذبح والنذر له.

كل شيء هالك: أي فانٍ.

إلا وجهه: أي إلا الله سبحانه وتعالى فلا يهلك كما يهلك ما عداه.

معنى الآيات:

تقدم في السياق الكريم الدعوة إلى أصول الدين الثلاثة: التوحيد، النبوة، البعث والجزاء وهذه خاتمة ذلك في هذه السورة الكريمة فقال تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ } أي أنزله عليك وفرض عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه، { لَرَآدُّكَ } أي لمرجعك { إِلَىٰ مَعَادٍ } وهو العودة إلى مكة بعد خروجك منها واشتياقك إلى العودة إليها وإلى الجنة بعد وفاتك لأنك دخلتها ليلة عُرج بك إلى السماء وفي هذا تقرير لنبوته صلى الله عليه وسلم بالوحي إليه، وقوله تعالى: { قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } فإنه تعليم له صلى الله عليه وسلم بما يرد به على المشركين الذين اتهموه بأنه ضال في دعوته وخروجه عن دين آبائه وأجداده علَّمه أن يقول لهم ربي أعلم بمن جاء بالهدى وهو أنا، رسول الله، ومن هو في ضلال مبين وهو أنتم أيها المشركون. وقوله { وَمَا كُنتَ تَرْجُوۤ أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابُ } أي وما كنت يا محمد تأمل أن ينزل عليك القرآن، وذلك قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، وقوله { إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } أي لكن رحمة ربك عليك اقتضت إنزاله عليك لتكون رسول الله للعالمين، وهي نعمة كبيرة وإفضال عظيم فاشكره بما يلي:

(1) { فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ } أي عوناً لهم بحال من الأحوال.

(2) { وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ ٱللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ } فتترك تلاوتها وإِبلاغها والعمل بها. وفي هذا تقرير للنبوة المحمدية.

(3) { وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ } ادع الناس إلى توحيد ربك والعمل بشرعه.

(4) { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } أي فتبرَّأ منهم ولا ترضى بشركهم وادعهم إلى خلافه وهو التوحيد.

(5) { وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } أي لا تعبد مع الله إلهاً آخر لا بالدعاء ولا بالنذر والذبح ولا بتقديم أيّ قربان أو طاعة لغير الله سبحانه وتعالى، وفي هذا تقرير للتوحيد وقوله { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } تقرير للتوحيد بإبطال أن يكون هناك إله مع الله.

السابقالتالي
2