الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ } * { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ } * { وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ }

شرح الكلمات:

في زينته: أي لباس الأعياد والحفلات الرسمية.

يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون: أي تمنوا أن لو أعطوا من المال والزينة ما أعطي قارون.

إنه لذوو حظ عظيم: أي إنه لذو بخت ونصيب وهبه الله إياه في كتاب المقادير.

وقال الذين أوتوا العلم: أي اعطوا العلم الديني بمعرفة الله والدار الآخرة وموجبات السعادة والشقاء.

ويلكم: أي حضر ويلكم وهلاككم بتمنيكم المال وزخرف الدنيا.

ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً: أي ما عند الله من جزاء للمؤمنين العاملين الصالحات وهو الجنة خير من حطام الدنيا الفاني.

ولا يلقاها إلا الصابرون: أي ولا يوفق لقول هذه الكلمة وهي ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً إلا الصابرون على الإِيمان والتقوى.

فخسفنا به وبداره الأرض: أي أسخنا الأرض من تحته فساخت به وبداره وكل من كان معه فيها من أهل البغي والإِجرام.

تمنوا مكانه بالأمس: أي الذين قالوا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون فالمراد من المكان المكانة وما عليه قارون من الامارة والزينة والمال والجاه.

ويكأنَّ الله يبسط: أي أعجبُ عالماً أن الله يبسط الرزق لمن يشاء.

ويقدر: أي يضيّق.

ويكأنه لا يفلح الكافرون: أي أعجبُ عالماً أنه لا يفلح الكافرون أي أنهم لا يفوزون بالنجاة من النار ودخول الجنان كما يفوز المؤمنون.

معنى الآيات:

ما زال السياق في قصص قارون الباغي قال تعالى { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ } أي قارون في يوم عيد أو مناسبة خرج على قومه وهم يشاهدون موكبه { فِي زِينَتِهِ } الخاصة من الثياب والمراكب. قوله تعالى: { قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } أي من قوم موسى وهم المفتونون بالدنيا وزخرفها من أهل الغفلة عن الآخرة وما أكثرهم اليوم وقبل وبعد اليوم قالوا ما أخبر الله تعالى به عنهم: { يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ } تمنوا أن يكون لهم مثل الذي أوتي قارون من المال والزينة { إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } أي بخت ونصيب ورزق { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } أي الشرعي الديني العالمون بالدنيا والآخرة. وأسباب السعادة والشقاء في كل منهما قالوا ما أخبر تعالى به عنهم في قوله: { وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً } أي ويحكم هلكتم إن كنتم تؤثرون هذا الفاني على الباقي { ثَوَابُ ٱللَّهِ } وهو الجنة خير من هذا الزخرف الفاني { لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً } ولازم ذلك أنه ترك الشرك والمعاصي، وقوله تعالى: { وَلاَ يُلَقَّاهَآ } أي هذه الجملة من الكلام: { ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ } بربه { وَعَمِلَ صَالِحاً } في حياته بأداء الفرائض والنوافل وترك المحرمات والرذائل أي ولا يلقى هذه الكلمة { إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ } من أهل الإِيمان والتقوى هم الذين يلقنهم الله إياها فيقولونها لصفاء أرواحهم وزكاة أنفسهم وقوله تعالى في الآية [81] { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ } يخبر تعالى أنه خسف بقارون وبداره الأرض انتقاماً منه لكفره ونفاقه وبغيه وكبريائه.

السابقالتالي
2