الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يٰهَامَانُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّيۤ أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ } * { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ } * { وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }

شرح الكلمات:

ما علمت لكم من إله غيري: أي ربا يطاع ويذل له ويعظم غيري لعنة الله عليه ما أكذبه.

يا هامان: أحد وزراء فرعون، لعله وزير الصناعة أو العمل والعمال.

فأوقد لي يا هامان على الطين: أي اطبخ لي الآجُرْ وهو اللبن المشوي.

فاجعل لي صرحاً: أي بناء عالياً، قصراً أو غيره.

لعلي أطلع إلى إله موسى: أي أقف عليه وأنظر إليه.

وإني لأظنه من الكاذبين: أي موسى في ادعائه أن له إلهاً غيري.

فنبذناهم في اليم: أي طرحناهم في البحر غرقى هالكين.

وجعلناهم أئمة: أي رؤساء يُقتدى بهم في الباطل.

يدعون إلى النار: أي إلى الكفر والشرك والمعاصي الموجبة للنار.

في هذه الدنيا لعنة: أي خزياً وبعداً عن الخير.

هم من المقبوحين: أي المبعدين من كل خير المشوَّهي الخلقة.

القرون الأولى: قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وغيرهم.

بصائر للناس: أي فيه من النور ما يهدي كما تهدي الأبصار.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { وَقَالَ فِرْعَوْنُ } إن فرعون لما سمع كلام موسى عليه السلام المصدق بكلام هارون عليه السلام وكان الكلام في غاية اللين، مؤثراً خاف فرعون من الهزيمة، ناور وراوغ فقال في الحاضرين { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } أي كما ادعى موسى ولكن سأبحث وأتعرف على الحقيقة إن كان هناك إله آخر غيري، فنادى وزيره هامان وأمره أن يعد اللبن المشوي لأنه قوي ويقوم ببناء صرح عال يصل إلى عنان السماء ليبحث بنفسه عن إله موسى إن كان حسب دعواه وإني لأظن موسى كاذباً في دعوى وجود إله له ولكم غيري هذا معنى قوله تعالى في الآية الأولى [38] { وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يٰهَامَانُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّيۤ أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ }. يعني في إدعائه أن هناك إلهاً آخر غيري.

قوله تعالى: { وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي ٱلأَرْضِ } أي أرض مصر { بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } الذي يحق لهم الاستكبار { وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ } أي كذبوا بالبعث الآخر. قال تعالى: { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ } أي بسبب استكبارهم وكفرهم وتكذيبهم بآيات الله { فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ } أي في البحر وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ } إنها كانت وبالاً عليهم وخساراً لهم. وقوله تعالى { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } أي جعلنا فرعون وملأه أئمة في الكفر تقتدي بهم العتاة والطغاة في كل زمان ومكان { يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } بالكفر والشرك والمعاصي وهي موجبات النار. { وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ } بل يضاعف لهم العذاب ويخذلون ويهانون لأن من دعا إلى سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيء.

السابقالتالي
2