الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } * { وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } * { فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ }

شرح الكلمات:

ولما توجه تلقاء مدين: أقبل بوجهه جهة مدين التي هي مدينة شعيب.

عسى ربي أن يهديني سواء السبيل: أرجو ربي أن يهدني وسط الطريق حتى لا أضل فأهلك فاستجاب الله له وهداه إلى سواء السبيل ووصل مدين.

ولما ورد ماء مدين: انتهى إلى بئر يسقى منها أهل مدين.

يسقون: أي مواشيهم من بقر وإبل وغنم.

تذودان: أي أغنامهما منعاً لهما من الماء حتى تخلو الساحة لهما خوف الاختلاط بالرجال الأجانب لغير ضرورة.

قال ما خطبكما: قال موسى للمرأتين اللتين تذودان ما خطبكما أي ما شأنكما.

حتى يصدر الرعاء: لا نسقي ماشيتنا حتى يصدر الرعاء ويبقى لنا الماء وحدنا.

ثم تولى إلى الظل: أي بعد أن سقى لهما رجع إلى ظل الشجرة التي كان جالساً تحتها.

لما أنزلت إلي من خير فقير: أي من طعام محتاج إليه لشدة جوعه عليه السلام.

تمشي على استحياء: أي واضعة كم درعها على وجهها حياء منه.

معنى الآيات:

ما زال السياق في شأن موسى عليه السلام بعد حادثة القتل والنصح له بمغادرة بلاد مصر إلى بلاد مدين مدينة شعيب عليه السلام قال تعالى مخبراً عنه: { وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ } أي ولما توجه موسى عملاً بنصيحة مؤمن آل فرعون تلقاء مدين أي نحوها وجهتها ولم يكن له علم بالطريق الصحراوي والمسافة مسيرة ثمانية أيام قال: { عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } أي ترجَّى ربه سبحانه وتعالى أن يهديه الطريق السوي حتى لا يضل فيهلك، واستجاب الله له فهداه الطريق حتى وصل إلى بلاد مدين وقوله تعالى في الآية الثانية من هذا السياق [23] { وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ } أي وحين ورد ماء مدين وهو بئر يسقي منها الناس مواشيهم { وَجَدَ عَلَيْهِ } أي على الماء { أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ } أي جماعة كبيرة يسقون أنعامهم ومواشيهم { وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ } وهما بنتا شعيب عليه السلام { تَذُودَانِ } أي تمنعان ماشيتهما من الاختلاط بمواشي الناس. فسألهما لا تطفلاً وإنما حالهما دعاه إلى سؤالهما لأنه رأى الناس يسقون مواشيهما ويصدرون فوجاً بعد فوج والمرأتان قائمتان على ماشيتهما تذودانها عن الحوض حتى لا تختلط ولا تشرب فسألهما لذلك قائلاً: { مَا خَطْبُكُمَا } أي ما شأنكما فأجابتاه قائلتين: { لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ } لضعفنا وعدم رغبتنا في الاختلاط بالرجال { وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } لا يقوي على سقي هذه الماشية بنفسه فنحن نسقيها ولكن بعد أن يصدر الرعاء ويبقى في الحوض ماء نسقي به، فلما علم عذرهما سقى لهما ماشيتهما { ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ } الذي كان جالساً تحته وهو ظل شجرة وهو شجر صحراوي معروف يقال له السمر، ولما تولى إلى الظل سأل ربه الطعام لشدة جوعه إذ خرج من مصر بلا زاد ولا دليل ولولا حسن ظنه في ربه لما خرج هذا الخروج فقال: { رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ } أي طعام { فَقِيرٌ } أي محتاج إليه أشد الاحتياج.

السابقالتالي
2