شرح الكلمات: وحرمنا عليه المراضع: أي منعناه من قبول ثدى أيَّة مرضعة. من قبل: أي من قبل رده إلى أمه. فقالت هل أدلكم على: أي قالت أخت موسى. أهل بيت يكفلونه لكم: يضمونه إليهم، يرضعونه ويربونه لكم. وهم له ناصحون: أي لموسى ناصحون، فلما قالوا لها إذاً كنت أنت تعرفينه، قالت لا، إنما أعني أنهم ناصحون للملك لا للولد. فرددناه إلى أمه: أي رددنا موسى إلى أمه أي قبلوا اقتراح أخته. ولتعلم أن وعد الله حق: إذ أوحى إليها أنه راده إليها وجاعله من المرسلين. ولكن أكثرهم لا يعلمون: أي أكثر الناس لا يعلمون وعد الله لأم موسى ولا يعلمون أن الفتاة أخته وأن أمها أمه. ولما بلغ أشده واستوى: أي ثلاثين سنة من عمره فانتهى شبابه وكمل عقله. آتيناه حكماً وعلماً: أي وهبناه الحكمة من القول والعمل والعلم بالدين الإِسلامي الذي كان عليه بنو إسرائيل وهذا قبل أن ينبأ ويرسل. ودخل المدينة : مدينة فرعون وهي مُنْفُ بعد أن غاب عنها مدة. على حين غفلة من أهلها: لأن الوقت كان وقت القيلولة. هذا من شيعته: أي على دينه الإِسلامي. وهذا من عدوه: على دين فرعون والأقباط. فوكزه موسى فقضى عليه: أي ضربه بجمع كفه فقضى عليه أيْ قتله. هذا من عمل الشيطان: أي هذا الفعل من عمل الشيطان لأنه المهيج غضبي. أنه عدو مضل مبين: أي الشيطان عدو لابن آدم مضل له عن الهدى، مبين ظاهر الإِضلال. معنى الآيات: ما زال السياق في قصص موسى مع فرعون: إنه بعد أن التقط آل فرعون موسى من النيل وهو رضيع قدموا له المراضع فرفضهن مرضعة بعد أخرى، فاحْتار آل فرعون لحبهم لموسى لأن الله تعالى ألقى عليه محبة منه فما رآه أحد إلا أحبه وهذا معنى قوله تعالى في الآية [12] { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ } أي قبل رده إلى أمه. وقوله: { فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } هذه أخته وقد أمرتها أمها أن تقص آثار موسى وتتبع أخباره فلما علمت أن أخاها لم يقبل المراضع وأن القصر في قلق من جراء عدم رضاع موسى تقدمت وقالت ما أخبر الله تعالى به عنها في قوله: { فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ } ويرضعونه ويحفظونه حتى تنتهي مدة رضاعته { وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } وهنا ارتابوا في أمرها واستنطقوها واتهموها بأنها تعرفه فقالت: لا أعرفه، إنما عنيت { وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } أن أهل هذا البيت ناصحون للملك وهنا استجابوا لها فأتت به أمه فما إن رآها حتى رمى نفسه عليها وأخذ ثديها يمتصه فقالو لها: ما سر قبوله هذه المرأة فأجابت: بأنها طيبة الريح طيبة اللبن فأذنوا لها في إرضاعه في بيتها فعادت به وهو معنى قوله تعالى { فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا } أي تفرح وتسر ولا تحزن على فراقه، { وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } إذ وعدها بأنه راده إليها.