الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا وَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ ٱلأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ } * { وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُو قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً أَمَّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { وَوَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ } * { أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا ٱلْلَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

شرح الكلمات:

وقع القول عليهم: أي حق عليهم العذاب.

دابة من الأرض: حيوان يدب على الأرض لم يرد وَصْفُها في حديث صحيح يعول عليه ويقال به.

تكلم الناس: بلسان يفهمونه لأنها آية من الآيات.

أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون: أي بسبب أن الناس أصبحوا لا يؤمنون بآيات الله وشرائعه أي كفروا فيبلون بهذه الدابة.

ويوم نحشر: أي اذكر يوم نحشر أي نجمع.

من كل أمة فوجاً: أي طائفة وهم الرؤساء المتبوعون في الدنيا.

فهم يوزعون: أي يجمعون برد أولهم على آخرهم.

حتى إذا جاءوا: أي الموقف مكان الحساب.

وقع القول عليهم: أي حق عليهم العذاب.

بما ظلموا: أي بسبب الظلم الذي هو شركهم بالله تعالى.

فهم لا ينطقون: أي لا حجة لهم.

والنهار مبصراً: أي يبصر فيه من أجل التصرف في الأعمال.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { وَإِذَا وَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيْهِم } أي حق العذاب على الكافرين حيث لم يبق في الأرض من يأمر بمعروف ولا من ينهى عن منكر { أَخْرَجْنَا لَهُمْ } لفتنتهم { دَآبَّةً مِّنَ ٱلأَرْضِ } حيوان أرضي ليس بسماوي { تُكَلِّمُهُمْ } اي بلسان يفهمونه، { أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ } هذه علة تكليمهم وهي بأن الناس كفروا وما أصبحوا يوقنون بآيات الله وشرائعه فيخرج الله تعالى هذه الدابة لِحِكَم منها: أن بها يتميز المؤمن من الكافر. وقوله تعالى: { وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً } أي واذكر يا رسولنا { وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ } من الأمم البشرية { فَوْجاً } أي جماعة { مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ } بأن يرد أولهم على آخرهم لينتظم سيرهم { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُو } الموقف موضع الحساب يقول الله تعالى لهم: { أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي } وما اشتملت عليه من أدلة وحجج وشرائع وأحكام { وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً } ، وهذا تقريع لهم وتوبيخ. إذ كون الإنسان لم يحط علماً بشيء لا يجوز له أن يكذب به لمجرد أنه ما عرفه. وقوله: { أَمَّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي ما الذي كنتم تعملون في آياتي من تصديق وتكذيب. قال تعالى { وَوَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيهِم } أي وجب العذاب { بِمَا ظَلَمُواْ } أي بسبب ظلمهم { فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ }. أي بعجزهم عن الدفاع عن أنفسهم لأنهم ظَلَمَه مشركون.

وقوله تعالى: { أَلَمْ يَرَوْاْ } أي ألم يبصر أولئك المشركون المكذبون بالبعث والجزاء أن الله تعالى جعل { ٱلْلَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ } وسكونهم هو موتهم على فرشهم بالنوم فيه { وَٱلنَّهَارَ } أي وجعل { ٱلنَّهَارَ مُبْصِراً } أي يبصر فيه لينصرفوا فيه بالعمل لحياتهم، فنوم الليل شبيه بالموت وانبعاث النهار شبيه بالحياة، فهي عملية موت وحياة متكررة طوال الدهر فكيف ينكر العقلاء البعث الآخر وله صورة متكررة طوال الحياة، ولذا قال تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي في ذلك العمل المتكرر للموت والحياة كل يوم وليلة { لآيَاتٍ } أي براهين وحجج قاطعة على وجود بعث وحياة بعد هذا الموت والحياة.

السابقالتالي
2