الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } * { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { يٰمُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوۤءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

شرح الكلمات:

وإنك لتلقى: أي تلقنه وتحفظه وتعلمه.

من لدن حكيم: أي من عند حكيم عليم وهو الله جل جلاله.

آنست ناراً: أي أبصرت ناراً من بعد حصل لي بها بعض الأنس.

سآتيكم منها بخبر: أي عن الطريق حيث ضلوا طريقهم إلى مصر في الصحراء.

بشهاب قبس: أي بشعلة نار مقبوسة أي مأخوذة من أصلها.

لعلكم تصطلون: أي تستدفئون.

أن بورك من في النار: أي بارك الله جل جلاله من في النار وهو موسى عليه السلام إذ هو في البقعة المباركة التي نادى الله تعالى موسى منها.

وسبحان الله رب العالمين: أي نزه الرب تعالى نفسه عما لا يليق بجلاله وكماله من صفات المحدثين.

يا موسى إنه أنا الله: أي الحال والشأن أنا الله العزيز الحكيم الذي ناداك وباركك.

تهتز كأنها جان: أي تتحرك بسرعة كأنها حية خفيفة السرعة.

ولم يعقب: أي ولم يرجع إليها خوفاً وفزعاً منها.

ثم بدل حسناً بعد سوء: أي تاب فعمل صالحاً بعد الذي حصل منه من السوء.

معنى الآيات:

ما زال السياق في تقرير النبوة المحمدية فقوله تعالى { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } يخبر تعالى رسوله بأنّه يلَقّنُ القرآن ويحفظه ويعلمه من لدن حكيم في تدبيره عليم بخلقه وهو الله جل جلاله وعظم سلطانه.

وقوله تعالى { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ } اذكر لمنكري الوحي والمكذبين بنبوتك إذ قال موسى إلى آخر الحديث، هل مثل هذا يكون بغير التلقي من الله تعالى. والجواب: لا إذاً فأنت رسول الله حقاً وصدقاً { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ } امرأته وأولاده { إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً } أي أبصرتها مستأنساً بها. { سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } أي تستدفئون إذ كانوا في ليلة شاتية باردة وقد ضلوا طريقهم.

وقوله تعالى { فَلَمَّا جَآءَهَا } أي النار { نُودِيَ } أي ناداه ربه تعالى قائلاً: { أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا } أي تقدس من في النار التي هي نور الله جل جلاله. وهو موسى عليه السلام ومن حولها من أرض القدس والشام، والله أعلم بمراده من كلامه وإنا لنستغفره ونتوب إليه إن لم نوفق لمعرفة مراده من كلامه وخطابه فاغفر اللهم ذنبنا وارحم عجزنا وضعفنا إنك غفور رحيم، وقوله تعالى { وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } نزه تعالى نفسه عما لا يليق بجلاله وكماله وقوله { يٰمُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } أي الذي يناديك هو الله ذو الألوهية على خلقه العزيز الغالب الذي لا يحال بينه وبين مراده الحكيم في قضائه وتدبير وتصريف ملكه بعد أن عرفه بنفسه وأذهب عنه روع نفسه، أمره أن يلقي العصا تمريناً له على استعمالها فقال { وَأَلْقِ عَصَاكَ } فألقاها فاهتزت كأنها جان أي حية خفيفة السرعة { فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِراً } اي رجع القهقهرى فزعاً وخوفاً { وَلَمْ يُعَقِّبْ } أي لم يرجع إليها خوفاً منها فناداه ربه تعالى { يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ } من حية ولا من غيرها { إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ } { إِلاَّ مَن ظَلَمَ } أي نفسه باقتراف ذنب من الذنوب فهذا يخاف لكن إن هو تاب بعد الذنب ففعل حسنات بعد السيئات فإنه لا يخاف لأني غفور رحيم فأغفر له وارحمه.

السابقالتالي
2