الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ ٱلَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } * { وَمَا مِنْ غَآئِبَةٍ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }

شرح الكلمات:

ولا تحزن عليهم: المراد به تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم.

مما يمكرون: أي بك إذْ حاولوا قتله ولم يفلحوا.

متى هذا الوعد: أي بعذابنا.

بعض الذي تستعجلون: وقد حصل لهم في بدر.

إن الله لذو فضل على الناس: أي في خلقهم ورزقهم وحفظهم وعدم إنزال العذاب بهم.

ما تكن صدورهم: أي ما تخفيه وتستره صدورهم.

وما من غائبة: أي ما من حادثة غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين هو اللوح المحفوظ مدونة فيه مكتوبة.

معنى الآيات:

ما زال السياق في دعوة المشركين إلى التوحيد والإِيمان بالنبوة والبعث الآخر ولقد تقدم تقرير كل من عقيدة التوحيد بأدلة لا تُرد، وكذا تقرير عقيدة البعث والجزاء ولكن المشركين ما زالوا يعارضون ويمانعون بل ويمكرون فلذا نهى الله تعالى رسوله عن الحزن على المشركين في عدم إيمانهم كما نهاه عن ضيق صدره مما يمكرون ويكيدون له ولدعوة الحق التي يدعو إليها. هذا ما دلت عليه الآية الأولى [70] وأما الآية الثانية والثالثة فإنه تعالى يخبر رسوله بما يقول أعداؤه ويلقنه الجواب. فقال تعالى: [71] { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } - أي بالعذاب - { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } - فيما تقولون وتعدون - { قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ ٱلَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } اي اقترب منكم ودنا وهو ما حصل لهم في بدر من الأسر والقتل هذا ما دلت عليه الآيتان [71 و 72].

وقوله تعالى: { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ } مؤمنهم وكافرهم إذ خلقهم ورزقهم وعافاهم ولم يهلكهم بذنوبهم { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ } فهاهم أولاء يستعجلون العذاب ويطالبون به ومع هذا يمهلهم لعلهم يتوبون، وهذا أعظم فضل. وقوله تعالى: { وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } أي لا يخفى عليه من أمرهم شيء وسيحصي لهم أعمالهم ويجزيهم بها وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيد لهم وتهديد وقوله تعالى: { وَمَا مِنْ غَآئِبَةٍ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }. وهو اللوح المحفوظ أي إن علم ربك أحاط بكل شيء ولا يعزب عنه شيء وهذا مظهر من مظاهر العلم الإِلهي المستلزم للبعث والجزاء، إذ لو قل علمه بالخلق لكان من الجائز أن يترك بعضاً لا يبعثهم ولا يحاسبهم ولا يجزيهم.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه يعاني شدة من ظلم المشركين وإعراضهم.

2- بيان تعنت المشركين وعنادهم.

3- تحقق وعد الله للمشركين حيث نزل بهم بعض العذاب الذي يستعجلون.

4- بيان فضل الله تعالى على الناس مع ترك أكثرهم لشكره سبحانه وتعالى.

5- بيان إِحاطة علم الله بكل شيء.

6- إثبات وتقرير كتاب المقادير، وهو اللوح المحفوظ.