الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ } * { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَاْذبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } * { إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } * { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ } * { أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } * { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ }

شرح الكلمات:

وتفقد الطير: أي تعهدها ونظر فيها.

مالي لا أرى الهدهد: أعرض لي ما منعني من رؤيته أم كان من الغائبين؟

لأعذبنه عذاباً شديداً: أي بِنَتْفِ ريشه ورميه في الشمس فلا يمتنع من الهوام.

بسلطان مبين: أي بحجة واضحة على عذرة في غيبته.

فمكث غير بعيد: أي قليلاً من الزمن وجاء سليمان متواضعاً.

أحطت بما لم تحط به: أي اطلعت على ما لم تطلع عليه.

وجئتك من سبأ: سبأ قبيلة من قبائل اليمن.

إني وجدت امرأة: هي بلقيس الملكة.

ولها عرش عظيم: أي سرير كبير.

فصدهم عن السبيل: أي طريق الحق والهدى.

ألا يسجدوا لله: أصلها أن يسجدوا أي فهم لا يهتدون أن يسجدوا لله. وزيدت فيها " لا " وأدغمت فيها النون فصارت ألاَّ نظيرها لئلا يعلم أهل الكتاب من آخر سورة الحديد.

يخرج الخبأ في السماوات: أي المخبوء في السماوات من الأمطار والأرض من النباتات والأرض.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في قصص سليمان عليه السلام قوله تعالى { وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ } أي تفقد سليمان جنده من الطير طالباً الهدهد لأمر عنَّ له أي ظهر وهو يتهيأ لرحلة هامة، فلم يجده فقال ما أخبر تعالى به عنه: { مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ } ألعارضٍ عَرَض لي فلم أره، { أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ } أي بل كان من الغائبين، { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً } بأن ينتف ريشه ويتركه للهوام تأكله فلا يمتنع منها { أَوْ لأَاْذبَحَنَّهُ } بقطع حلقومه، { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي بحجة واضحة على سبب غيبته. قوله تعالى الآية [21] { فَمَكَثَ } أي الهدهد { غَيْرَ بَعِيدٍ } أي زمناً قليلاً، وجاء فقال في تواضع رافعاً عنقه مرخياً ذنبه وجناحيه { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } أي اطلعت على ما لم تطلع عليه { وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } وسبأ قبيلة من قبائل اليمن، والنبأ اليقين الخبر الصادق الذي لا شك فيه. وأخذ يبين محتوى الخبر فقال { إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً } هي بلقيس { تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ } من أسباب القوة ومظاهر الملك، { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } أي سرير ملكها الذي تجلس عليه وصفه بالعظمة لأنه مرصع بالجواهر والذهب، وقوله { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } أخبر أولاً عن أحوالهم الدنيوية وأخبر ثانياً عن أحوالهم الدينية وقوله { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } أي الباطلة الشركية { فَصَدَّهُمْ } بذلك { عَنِ ٱلسَّبِيلِ } أي سبيل الهدى والحق فهم لذلك لا يهتدون لأن يسجدوا لله الذي يخرج الخبء أي المخبوء فهو من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول في السماوات من أمطار والأرض من نباتات، ويعلم سبحانه وتعالى ما يخفون في نفوسهم، وما يعلنون عنه بألسنتهم الله لا إله هو رب العرش العظيم.

السابقالتالي
2