الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ } * { وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْس وَٱلطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ }

شرح الكلمات:

علمنا: هو علم ما لم يكن لغيرهم كمعرفة لغة الطير إلى جانب علم الشرع كالقضاء ونحوه.

وقالا الحمد لله: أي شكراً له.

على كثير من عباده المؤمنين: أي بالنبوة وتسخير الجن والإِنس والشياطين.

وورث سليمان داوود: أي ورث أباه بعد موته في النبوة والملك والعلم دون باقي أولاده.

علمنا منطق الطير: أي فهم أصوات الطير وما تقوله إذا صفرت.

وأوتينا من كل شيء: أوتيه غيرنا من الأنبياء والملوك.

وحشر لسليمان: أي جمع له جنوده من الجن والإِنس والطير في مسير له.

فهو يوزعون: أي يساقون ويرد أولهم إلى آخرهم ليسيروا في نظام.

لا يحطمنكم سليمان: أي لا يكسرنكم ويقتلنكم.

وهم لا يشعرون: أي بكم.

أوزعني أن أشكر: أي ألهمني ووفقني لأن أشكر نعمتك التي أنعمت علي.

معنى الآيات:

هذا بداية قصص داوود وسليمان عليهما السلام ذكر بعد أن أخبر تعالى أنه يلقن رسوله محمداً ويعلمه من لدنه وهو العليم الحكيم ودلل على ذلك بموجز قصة موسى عليه السلام ثم ذكر دليلاً آخر وهو قصة داوود وسليمان، فقال تعالى { وَلَقَدْ آتَيْنَا } أي أعطينا داوود وسليمان { عِلْماً } أي الوالد والولد علماً خاصاً كمعرفة منطق الطير وصنع الدروع وإلانة الحديد زيادة على علم الشرع والقضاء، وقوله تعالى { وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } أي شكرا ربهما بقولهما { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } أي الشكر لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين بما آتاهما من الخصائص والفواضل. هذا ما دلت عليه الآية الأولى [14] وأما الآية الثانية [15] فقد أخبر تعالى فيها أنّ سليمان ورث أباه داوود وحده دون باقي أولاده وذلك في النبوة والملك، لا في الدرهم والدينار والشاة والبعير، لأن الأنبياء لا يورثون فما يتركونه هو صدقة. كما أخبر أن سليمان قال في الناس { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ } فما يصفر طير إلا علم ما يقوله في صفيره، وأوتينا من كل شيء أوتيه غيرنا من النبوة والملك والعلم والحكمة { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ } أي فضل الله تعالى البين الظاهر. وقوله تعالى { وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ } أي جمع له جنوده { مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْس وَٱلطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } هو إخبار عن مسير كان لسليمان مع جنده { فَهُمْ يُوزَعُونَ } أي جنوده توزع تساق بانتظام. بحيث لا يتقدم بعضها بعضاً فيرد دائماً أولها إلى آخرها محافظة على النظام في السير، وما زالوا سائرين كذلك حتى أتوا على واد النمل بالشام فقالت نملة من النمل { يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } قالت هذا رحمة وشفقة على بنات جنسها تعلم البشر الرحمة والشفقة والنصح لبني جنسهم لو كانوا يعلمون، واعتذرت لسليمان وجنده بقولها وهم لا يشعرون بكم وإلا لما داسوكم ومشوا عليكم حتى لا يحطمونكم.

السابقالتالي
2