الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَلَمَّا تَرَاءَى ٱلْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } * { قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } * { فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلآخَرِينَ } * { وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ } * { ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

شرح الكلمات:

فلما تراءى الجمعان: أي رأى بعضهما بعضاً لتقاربهما والجمعان جمع بني إسرائيل وجمع فرعون.

إنا لمدركون: أي قال أصحاب موسى من بني إسرائيل إنا لمدركون أي سيلحقنا فرعون وجنده.

قال كلا: أي قال موسى عليه السلام كلا أي لن يدركونا ولن يلحقوا بنا.

فانفلق: أي انشق.

فكان كل فرق كالطود: أي شقٍّ أي الجزء المنفرق والطود: الجبل.

وأزلفنا ثم الآخرين: أي قربنا هنا لك الآخرين أي فرعون وجنده.

إن في ذلك لآية: أي عظة وعبرة توجب الإِيمان برب العالمين برب موسى وهارون.

معنى الآيات:

هذا آخر قصة موسى عليه السلام مع فرعون قال تعالى في بيان نهاية الظالمين وفوز المؤمنين { فَلَمَّا تَرَاءَى ٱلْجَمْعَانِ } جمع موسى وجمع فرعون وتقاربا بحيث رأى بعضهما بعضا { قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ } أي بنو إسرائيل { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } أي خافوا لما رأوا جيوش فرعون تتقدم نحوهم صاحوا { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } فطمأنهم موسى بقوله { كَلاَّ } أي لن تدركوا، وعلل ذلك بقوله { إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } إلى طريق نجاتي قال تعالى { فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب } أي اضرب بعصاك البحر فضرب امتثالاً لأمر ربه فانفلق البحر فرقتين كل فرقة منه كالجبل العظيم { وَأَزْلَفْنَا } أي قربنا { ثَمَّ ٱلآخَرِينَ } أي أدنينا هناك الآخرين وهم فرعون وجيوشه { وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ } أي من بني إسرائيل { أَجْمَعِينَ } { ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ } المعادين لبني إسرائيل وهم فرعون وجنده. وقوله تعالى { إِنَّ فِي ذَلِكَ } المذكور من إهلاك فرعون وإنجاء موسى وبني إسرائيل { لآيَةً } أي علامة واضحة بارز لربوبية الله وألوهيته وقدرته وعلمه ورحمته وهي عبرة وعظة أيضاً للمعتبرين، وما كان أكثر قومك يا محمد مؤمنين مع موجب الإِيمان ومقتضيه لأنه سبق في علم الله أنهم لا يؤمنون.

وقوله: { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } أي وإن ربك يا محمد لهو الغالب على أمره الذي لا يمانع في شيء يريده ولا يحال بين مراده الرحيم بعباده فاصبر على دعوته وتوكل عليه فإنه ناصرك ومذل أعدائك.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- ظهور آثار الاستعباد في بني إسرائيل متجلية في خوفهم مع مشاهدة الآيات.

2- ثبوت صفة المعية الإِلهية في قول موسى { إِنَّ مَعِيَ رَبِّي } إذ قال له عند إرسالهإِنَّنِي مَعَكُمَآ } [طه: 46].

3- ثبوت الوحي الإِلهي.

4- آية انفلاق البحر من أعظم الآيات.

5- تقير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بقصة مثل هذا القصص الذي لا يتأتى إلا بوحي خاص.