الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } * { وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } * { قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } * { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } * { قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَٱبْعَثْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ } * { فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } * { وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ } * { لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ إِن كَانُواْ هُمُ ٱلْغَالِبِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ } * { قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ }

شرح الكلمات:

ثعبان مبين: أي ثعبان ظاهر أنه ثعبان لا شك.

ونزع يده: أي أخرجها من جيبه بعد أن أدخلها فيه.

لساحر عليم: أي متفوق في علم السحر.

أرجه وأخاه: أي أخرّ أمرهما.

حاشرين: أي جامعين للسحرة.

سحار عليم: أي متفوق في الفن أكثر من موسى.

يوم معلوم: هو ضحى يوم الزينة عندهم.

هل أنتم مجتمعون: أي اجتمعوا كي نتبع السحرة على دينهم إن كانوا هم الغالبين.

وإنكم إذاً لمن المقربين: أي لكم الأجر وهو الجعل الذي جعل لهم وزادهم مزية القرب منه.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في الحوار الدائر بين موسى عليه السلام وفرعون عليه لعائن الرحمن لقد تقدم في السياق أن فرعون طالب موسى بالإِتيان بالآية أي الحجة على صدق دعواه وها هو ذا موسى عليه السلام يلقي عصاه أمام فرعون وملائه فإذا هي ثعبان ظاهر لا شك فيه، وأخرج يده من جيبه فإذا هي بيضاء للناظرين لا يشك في بياضها وأنه بياض خارق للعادة هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى [32] والثانية [33] { فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } واعترف فرعون بأن ما شاهده من العصا واليد أمر خارق للعادة ولكنه راوغ فقال { إِنَّ هَـٰذَا } أي موسى { لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } أي ذو خبرة بالسحر وتفوق فيه قال هذا للملأ حوله قال تعالى عنه { قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } وقوله تعالى عنه { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ } قال فرعون هذا تهيجاً للملأ ليثوروا ضد موسى عليه السلام وهذا من المكر السياسي إذ جعل القضية سياسية بحتة وأن موسى يريد الاستيلاء على الحكم والبلاد ويطرد أهلها منها بواسطة السحر، وقال لهم كالمستشير لهم { فَمَاذَا تَأْمُرُونَ }؟ فأشاروا عليه بما أخبر تعالى به عنهم { قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ } أي أخر أمرهما { وَٱبْعَثْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ } أي مدن المملكة رجالا { حَاشِرِينَ } أي جامعين { يَأْتُوكَ } أيها الملك { بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ } أي ذو خبرة في السحر متفوقة، وفعلاً أخذ بمشورة رجاله { فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } أي لموعد معلوم وهو ضحى يوم العيد عندهم واستحثوا الناس على الحضور من كافة أنحاء البلاد وهو ما أخبر تعالى به في قوله { قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَٱبْعَثْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ } فجمع السحرة لميقات يوم معلوم، وقيل للناس { هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ } فنبقى على ديننا ولا نتبع موسى وأخاه على دينهما الجديد { إِن كَانُواْ } أي السحرة { هُمُ ٱلْغَالِبِينَ } وهذا من باب الاستحثاث والتحريض على الالتفات حول فرعون وملائه. وقوله تعالى { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ } أي من كافة أنحاء البلاد قالوا لفرعون ما أخبر تعالى به عنهم { أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً } أي جعلاً { إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ }؟ فأجابهم فرعون قائلاً { نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } أي زيادة على الأجر مكافأة أخرى وهي أن تكونوا من المقربين لدينا، وفي هذا إغراء كبير لهم على أن يبذلوا أقصى جهدهم في الانتصار على موسى عليه السلام.

السابقالتالي
2