الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالُواْ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يٰلُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُخْرَجِينَ } * { قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ ٱلْقَالِينَ } * { رَبِّ نَّجِنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ } * { فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عَجُوزاً فِي ٱلْغَابِرِينَ } * { ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ } * { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

شرح الكلمات:

لئن لم تنته: أي عن إنكارك علينا ما نأتيه من الفاحشة.

من المخرجين: أي من بلادنا وطردك من ديارنا.

لعملكم من القالين: أي المبغضين له البغض الشديد.

رب نجني وأهلي مما يعملون: أي من عقوبة وعذاب ما يعملونه من الفواحش.

فنجيناه وأهله: أي نجينا لوطاً الذي دعانا وأهله وهم امرأته المؤمنة وابنتاه.

إلا عجوزاً في الغابرين: أي فإنا لم ننجها إذ حكمنا بإهلاكها مع الظالمين فتركناها معهم حتى هَلَكَتْ بينهم لأنها كانت كافرة وراضية بعمل القوم.

وأمطرنا عليهم مطراً: أي أنزل عليهم حجارة من السماء فأمطروا بها بعد قلب البلاد عاليها سافلها.

فساء مطر المنذرين: أي فقبح مطر المنذرين ولم يمتثلوا فما كفوا عن الشر الفساد.

معنى الآيات:

ما زال السياق فيما دار بين نبي الله لوط وقومه المجرمين فإنه لما ذكرهم ووعظهم وأمرهم ونهاهم وسمعوا ذلك كله منه أجابوا بما أخبر تعالى به عنهم { قَالُواْ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يٰلُوطُ } أي عن إنكارك علينا ما نأتيه من الفاحشة { لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُخْرَجِينَ } أي نخرجك من بلادنا ونطردك من بيننا ولا تبقى ساعة واحدة عندنا إنتبه يا رجل.. فأجابهم لوط الرسول عليه السلام بقوله { إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ ٱلْقَالِينَ } أي إني لعملكم الفاحشة من المبغضين أشد البغض، ثم التفت إلى ربه داعياً ضارعاً فقال { رَبِّ نَّجِنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ } وهذا بعد أن أقام يدعوهم ويتحمل سنين عديدة فلم يجد بداً من الفزع إلى ربه ليخلصه منهم فقال { رَبِّ نَّجِنِي وَأَهْلِي } من عقوبة وعذاب ما يعملونه من إتيان الفاحشة من العالمين قال تعالى { فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ } وهم امرأته المسلمة وابنتاه المسلمتان طبعاً إلا عجوزاً وهي امرأته الكافرة المتواطئة مع الظلمة الراضية بالفعلة الشنعاء كانت في جملة الغابرين أي المتروكين بعد خروج لوط من البلاد لتهلك مع الهالكين قال تعالى { ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ } أي بعد أن أنجينا لوطاً وأهله أجمعين باستثناء العجوز الكافرة دمرنا أي أهلكنا الآخرين { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ } إنه بعد قلب البلاد سافلها على عاليها أمطر عليهم مطر حجارة من السماء لتصيب من كان خارج المدن المأفوكة المقلوبة.

قوله تعالى { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً } أي في هذا الذي ذكرنا من إهلاك المكذبين والمسرفين الظالمين آية وعلامة كبرى لمن يسمع ويرى { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } لما سبق في علم الله تعالى أنهم لا يؤمنون فسبحان الله العظيم. وقوله { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } وإن ربك يا رسولنا هو لا غيره العزيز الغالب القاهر لكل الظلمة والمسرفين الرحيم بأوليائه وعباده المؤمنين.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- التهديد بالنفي سنة بشرية قديمة.

2- وجوب بغض الشر والفساد في أي صورة من صورهما.

3- استجابة دعوة المظلوم لا سيما إن كان من الصالحين.

4- توقع العذاب إذا انتشر الشر وعظم الظلم والفساد.

5- الآيات مهما كانت عظيمة لا تستلزم الإِيمان والطاعة.

6- من لم يسبق له الإِيمان لا يؤمن ولو جلب عليه كل آية.

7- مظاهر قدرة الله وعلمه ورحمته.