شرح الكلمات: لئن لم تنته: أي عن دعوتنا إلى ترك آلهتنا وعبادة إلهك وحده. من المرجومين: أي المقتولين رجماً بالحجارة. فافتح بيني وبينهم فتحاً: أي أحكم بيني وبينهم حكماً بأن تهلكهم وتنجيني ومن معي من المؤمنين. في الفلك المشحون: أي المملوء بالركاب وأزواج المخلوقات الأخرى. بعد الباقين: أي بعد إنجائنا نوحاً والمؤمنين بركوبهم في السفينة أغرقنا الكافرين إذ إغراقهم كان بعد نجاة المؤمنين. معنى الآيات: ما زال السياق في الحوار الدائر بين نوح وقومه إنه لما دعاهم إلى التوحيد وكرر عليهم الدعوة وأفحمهم في مواطن كثيرة وأعيتهم الحجج لجأوا إلى التهديد والوعيد فقالوا ما أخبر تعالى به عنهم في قوله { قَالُواْ لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يٰنُوحُ } أي قسماً بآلهتنا لئن لم تنته يا نوح من تسفيهنا وسب آلهتنا ومطالبتنا بترك عبادتها { لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمَرْجُومِينَ } أي لنقتلنك رمياً بالحجارة. وهنا وبعد دعوة دامت ألف سنة إلا خمسين عاماً رفع نوح شكواه إلى الله قائلا: { رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ فَٱفْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً } أي احكم بيننا وافصل في قضية وجودنا مع بعضنا بعضا فأهلكهم { وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } قال تعالى { فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } أي المملوء بأنواع الحيوانات { ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ ٱلْبَاقِينَ } أي بعد إنجائنا نوحاً ومن معه من المؤمنين بأن ركبوا في الفلك وما زال الماء يرتفع النازل من السماء والنابع من الأرض حتى غرق كل من على الأرض والجبال ولم ينج أحد إلا نوحٌ وأصحاب السفينة، قال تعالى { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي المذكور من الصراع الذي دار بين التوحيد والشرك وفي عاقبة التوحيد وهي نجاة أهله والشرك وهي دمار أهله { لآيَةً } أي عبرة. ولكن أهل مكة لم يعتبروا { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } لما سبق في علم الله تعالى من عدم إيمانهم إذاً فلا تحزن عليهم. { وَإِنَّ رَبَّكَ } أيها الرسول الكريم لهو لا غيره العزيز الغالب الرحيم بمن تاب من عباده فإنه لا يعذبه بل يرحمه. هداية الآيات من هداية الآيات: 1- بيان سنة أن الظلمة والطغاة إذا أعيتهم الحجج يلجأون إلى القوة. 2- جواز الاستنصار بالله تعالى وطلب الفتح بين المظلوم والظالمين. 3- سرعة استجابة الله تعالى لعبده نوح وذلك لصبره قروناً طويلة فلما انتهى صبره ورفع شكاته إلى ربه أجابه فوراً فأنجاه وأهلك أعداءه.