الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } * { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } * { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } * { أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً } * { خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً }

شرح الكلمات:

لا يشهدون الزور: أي لا يحضرون مجالسة ولا يشهدون بالكذب والباطل.

وإذا مروا باللغو: أي بالكلام السيء القبيح وكل ما لا خير فيه.

مروا كراماً: أي معرضين عنه مكرمين أنفسهم عن سماعه أو المشاركة فيه.

وإذا ذكروا بآيات ربهم: أي إذا وعظوا بآيات القرآن.

لم يخروا عليها صماً وعمياناً: أي لم يطأطئوا رؤوسهم حال سماعها عمياً لا يبصرون ولا صماً لا يسمعون بل يصغون يسمعون ويعون ما تدعو إليه ويبصرون ما تعرضه.

قرة أعين: أي ما تقر به أعيننا وهو أن تراهم مطيعين لك يعبدونك وحدك.

واجعلنا للمتقين إماماً: أي من عبادك الذين يتقون سخطك بطاعتك قدوة يقتدون بنا في الخير.

يجزون الغرفة: أي الدرجة العليا في الجنة.

بما صبروا: أي على طاعتك بامتثال الأمر واجتناب النهي.

حسنت مستقراً ومقاماً: أي صلحت وطابت مستقراً لهم أي موضع استقرار وإقامة.

ما يعبأ بكم ربي: أي ما يكترث ولا يعتد بكم ولا يبالي.

لولا دعاؤكم: إياه، ودعاؤه إياكم لعبادته بذكره وشكره.

فسوف يكون لزاماً: أي العذاب لزاماً أي لازماً لكم في بدر ويوم القيامة.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في ذكر صفات عباد الرحمن الذي تجاهله المشركون وقالوا: وما الرحمن فها هي ذي صفات عباده دالة عليه وعلى جلاله وكماله، وقد مضى ذكر خمس صفات:

والسادسة: في قوله تعالى { وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ } الزور هو الباطل والكذب وعباد الرحمن لا يحضرون مجالسة ولا يقولونه ولا يشهدونه ولاينطقون به { وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ } وهو كل عمل وقول لا خير فيه { مَرُّوا كِراماً } أي مكرمين أنفسهم من التلوث به، بالوقوع فيه.

والسابعة: في قوله تعالى { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ } أي إذا ذكرهم أحد بآيات القرآن كتاب ربهم عز وجل لم يحنوا رؤوسهم عليها صماً حتى لا يسمعوا مواعظها ولا عمياناً حتى لا يشاهدوا آثار آياتها بل يحنون رؤوسهم سامعين لها واعين لما تقوله وتدعو إليه مبصرين آثارها مشاهدين وقائعها متأثرين بها.

والثامنة: فى قوله تعالى { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ } أي في دعائهم { رَبَّنَا هَبْ لَنَا } أي أعطنا { مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ } أي ما تقر به أعيننا وذلك بأن نراهم يتعلمون الهدى ويعملون به طلباً لمرضاتك يا ربنا { وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ } من عبادك الذين يتقون سخطك بطاعتك بفعل أمرك وأمر رسولك واجتناب نهيك ونهي رسولك { وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } أي قدوة صالحة يقتدون بنا في الخير يا ربنا. قال تعالى مخبراً عنهم بما أنعم به عليهم: { أُوْلَـٰئِكَ } أي السامون أنفساً العالون أرواحاً { يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ } وهي الدرجة العليا في الجنة { بِمَا صَبَرُواْ } على طاعة مولاهم، وما يلحقهم من أذى في ذات ربهم { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا } أي تتلقاهم الملائكة بالتهاني والتحيات { تَحِيَّةً وَسَلاَماً } أي بالدعاء بالحياة السعيدة والسلامة من الآفات إذ هي حياة بلا ممات، وسعادة بلا منغصات.

السابقالتالي
2