الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } * { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً } * { أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } * { ٱنظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً }

شرح الكلمات:

إفك افتراه: أي ما القرآن إلا كذباً افتراه محمد وليس هو بكلام الله تعالى هكذا قالوا.

ظلماً وزوراً: أي فرد الله عليهم قولهم بقوله فقد جاءوا ظلماً حيث جعلوا الكلام المعجز الهادي إلى الإِسعاد والكمال البشري إفكا مختلقاً وزوراً بنسبة ما هو بريء منه إليه.

اكتتبها: أي طلب كتابتها له فكتبت له.

يعلم السر: أي ما يسره أهل السماء والأرض وما يخفونه في نفوسهم.

أو يلقى إليه كنز: أي من السماء فينفق منه ولا يحتاج معه إلى الضرب في الأسواق.

جنة يأكل منها: بستان فيه ما يغنيه من أنواع الحبوب والثمار.

رجلاً مسحوراً: مخدوعاً مغلوباً على عقله.

ضربوا لك الأمثال: أي بالسحر والجنون والشعر والكهانة والكذب وما إلى ذلك.

فضلوا فلا يستطيعون سبيلاً: فضلوا الطريق الحق وهو أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فلا يهتدون.

معنى الآيات:

يخبر تعالى عن أولئك المشركين الحمقى الذين اتخذوا من دون الله رب العالمين آلهة أصناماً لا تضر ولا تنفع أنهم زيادة على سفههم في اتخاذ الأحجار آلهة يعبدونها قالوا في القرآن الكريم والفرقان العظيم ما هو إلا إفك أي كذب اختلقه محمد وأعانه عليه قوم آخرون يعنون اليهود ساعدوه على الإِتيان بالقرآن. فقد جاءوا بهذا القول الكذب الممقوت ظلماً وزوراً ظلماً لأنهم جعلوا القرآن المعجز الحامل للهدى والنور جعلوه كذبا وجعلوا البريء من الكذب والذي لم يكذب قط كاذباً فكان قولهم فيه زوراً وباطلاً. وقوله تعالى: { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } هذه الآية نزلت رداً على شيطان قريش النضر بن الحارث إذ كان يأتي الحيرة ويتعلم أخبار ملوك فارس ورستم. وإذا حدث محمد صلى الله عليه وسلم قومه محذراً إياهم أن يصيبهم ما أصاب الأمم قبلهم فإذا قام صلى الله عليه وسلم من المجلس جاء هو فجلس وقال تعالوا أقص عليكم إني أحسن حديثاً من محمد، ويقول إن ما يقوله محمد هو من أكاذيب القصاص وأساطيرهم التي سطروها في كتبهم فهو يحدث بها وهي تملى عليه أي يمليها عليه غيره صباحاً ومساءاً فرد تعالى هذه الفرية بقوله لرسوله: { قُلْ أَنزَلَهُ } أي القرآن { ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } أي سر ما يسره أهل السماوات وأهل الأرض فهو علام الغيب المطلع على الضمائر العالم بالسرائر، ولولا أن رحمته سبقت غضبه لأهلك من كفر به وأشرك به سواه { إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } يستر زلات من تاب إليه ويرحمه مهما كانت ذنوبه.

وقوله تعالى: { وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } هذه كلمات رؤوساء قريش وزعمائها لما عرضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يترك دعوته إلى ربه مقابل ما يشاء من ملك أو مال أو نساء أو جاه فرفض كل ذلك فقالوا له إذاً فخذ لنفسك لماذا وأنت رسول الله تأكل الطعام وتمشي في الأسواق تطلب العيش مثلنا فسل ربك ينزل إليك ملكاً فيكون معك نذيراً أو يلقي إليك بكنز من ذهب وفضة تعيش بهما أغنى الناس، أو يجعل لك جنة من نخيل وعنب، أو يجعل لك قصوراً من ذهب تتميز بها عن الناس وتمتاز فيعرف قدرك وتسود قومك وقوله تعالى: { وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ } أي للمؤمنين من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً أي أنكم باتباعكم محمداً فيما جاء به ويدعو إليه ما تتبعون إلا رجلاً مسحوراً، أي مخدوعاً مغلوباً على عقله لا يدري ما يقول ولا ما يفعل أي فاتركوه ولا تفارقوا ما عليه آباؤكم وقومكم.

السابقالتالي
2