الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ } * { رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ } * { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } * { وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ } * { وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } * { لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ }

شرح الكلمات:

إما تريني ما يوعدون: أي إن تُريني من العذاب.

ادفع بالتي هي أحسن: اي ادفع بالخصلة التي هي أحسن وذلك كالصفح والإِعراض عنهم.

من همزات الشياطين: أي من وساوسهم التي تخطر بالقلب فتكاد تفسده.

أن يحضرون: أي في أموري حتى لا يفسدوها علي.

جاء أحدهم الموت: أي رأى علاماته ورآه.

برزخ: أي حاجز يمنع وهو مدة الحياة الدنيا، وإن عاد بالبعث فلا عمل يقبل.

معنى الآيات:

في هذا السياق تهديد للمشركين الذين لم ينتفعوا بتلك التوجيهات التي تقدمت في الآيات قبل هذه، فأمر الله تعالى رسوله أن يدعوه ويضرع إليه إن هو أبقاه حتى يحين هلاك قومه، أن لا يهلكه معهم فقال: { قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي } أي أن تريني { مَا يُوعَدُونَ } أي من العذاب، { رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } بل أخرجني منهم وأبعدني عنهم حتى لا أهلك معهم. وقوله تعالى: { وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ } يخبر تعالى رسوله بأنه قادر على إنزال العذاب الذي وعد به المشركين إذا لم يتوبوا قبل حلوله بهم.

وقوله: { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } هذا قل أمره بقتالهم: أمره بأن يدفع ما يقولونه له في الكفر والتكذيب بالخُلَّة والخصلة التي هي أحسن وذلك كالصفح والإِعراض عنهم وعدم الإِلتفاف إليهم. وقوله: { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } أي من قولهم لله شريك وله ولد، وأنه ما أرسل محمداً رسولاً، وأنه لا بعث ولا حياة ولا نشور يوم القيامة وقوله: { وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } لما علمه الاحتراز والتحصُّن من المشركين بالصفح والإِعراض أمره أن يتحصن من الشياطين بالإِستعاذة بالله تعالى فأمره أن يقول { رَّبِّ } أي يا رب { أَعُوذُ بِكَ } أي استجير بك من همزات الشياطين أي وساوسهم حتى لا يفتنوني عن ديني وأعوذ بك أن يحضروا أمري فيفسدوه علي.

وقوله تعالى: { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ } أي إذا حضر أحد أولئك المشركين الموت أي رأى ملك الموت وأعوانه وقد حضروا لقبض روحه { قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } أي أخروا موتي كي أعمل صالحاً فيما تركت العمل فيه بالصلاح، وفيما ضيعت من واجبات قال تعالى رداً عليه { كَلاَّ } أي لا رجوع أبداً، { إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا } لا فائدة منها ولا نفع فيها، { وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ } أي حاجز مانع من العودة إلى الحياة وهو أيام الدنيا كلها حتى إذا انقضت عادوا إلى الحياة، ولكن ليست حياة عمل وإصلاح ولكنها حياة حساب وجزاء هذا معنى قوله: { وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ }.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- مشروعية الدعاء والترغيب فيه وإنه لذو جدوى للمؤمن.

2- استحباب دفع السيء من القول أو الفعل بالصفح والإِعراض عن صاحبه.

3- مشروعية الإِستعاذة بالله تعالى من وساوس الشياطين ومن حضورهم أمر العبد الهام حتى لا يفسدوه عليه بالخواطر السيئة.

4- موعظة المؤمن بحال من يتمنى العمل الصالح عند الموت فلا يُمكن منه فيموت بندمه وحسرته ويلقى جزاء تفريطه حرماناً وخسراناً في الدار الآخرة.