الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ }

شرح الكلمات:

واعبدوا ربكم: أي أطيعوه في أمره ونهيه في تعظيم هو غاية التعظيم وذل له هو غاية الذل.

وافعلوا الخير: أي من كل ما انتدبكم الله لفعله ورغبكم فيه من صالح الأقوال والأعمال.

لعلكم تفلحون: أي كي تفوزوا بالنجاة من النار ودخول الجنة.

حق جهاده: أي الجهاد الحق الذي شرعه الله تعالى وأمر به وهو جهاد الكفر والشيطان والنفس والهوى.

اجتباكم: أي اختاركم لحمل دعوة الله إلى الناس كافة.

من حرج: أي من ضيق وتكليف لا يطاق.

ملة أبيكم: أي الزموا ملة أبيكم إبراهيم وهي عبادة الله وحده لا شريك له.

وفي هذا: أي القرآن.

اعتصموا بالله: أي تمسكوا بدينه وثقوا في نصرته وحسن مثوبته.

ونعم النصير: أي هو تعالى نعم النصير أي الناصر لكم.

معنى الآيات:

بعد تقرير العقيدة بأقسامها الثلاثة: التوحيد والنبوة والبعث والجزاء، نادى الربّ تبارك وتعالى المسلمين بعنوان الإِيمان فقال: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي ما من آمنتم بالله رباً وبمحمد رسولاً وبالإِسلام ديناً، { ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ } أمرهم بإقام الصلاة { وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ } أي أطيعوه فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه معظمين له غاية التعظيم خاشعين له غاية الخشوع { وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ } من كل ما انتدبكم الله إليه ورغبكم فيه من أنواع البر وضروب العبادات { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي لتتأهلوا بذلك للفلاح هو الذي هو الفوز بالجنة بعد النجاة من النار.

وقوله: { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } أي أمرهم أيضاً بأمر هام وهو جهاد الكفار حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ومعنى حق جهاده أي كما ينبغي الجهاد من استفراغ الجهد والطاقة كلها نفساً ومالاً ودعوة وقوله: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } هذه مِنَّة ذكّر بها تعالى المؤمنين حتى يشكروا الله بفعل ما أمرهم به أي لم يضيق عليكم فيما أمركم به بل وسع فجعل التوبة لكل ذنب، وجعل الكفارة لبعض الذنوب، ورخص للمسافر والمريض في قصر الصلاة والصيام، ولمن لم يجد الماء أو عجز عن استعماله في التيمُم.

وقوله: { مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ } أي الزموا ملة أبيكم وقوله: { هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ } أي الله جل جلاله هو الذي سماهم المسلمين في الكتب السابقة وفي القرآن وهو معنى قوله: { هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـٰذَا } أي القرآن وقوله: { لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ } أي اجتباكم أيها المؤمنون لدينه الإِسلامي وسماكم المسلمين ليكون الرسول شهيداً عليكم يوم القيامة بأنه قد بلغكم ما أرسل به إليكم وتكونوا أنتم شهداء حينئذ على الرسل أجمعين أنهم قد بلغوا أممهم ما أرسلوا به إليهم وعليه فاشكروا هذا الإِنعام والإِكرام لله تعالى { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ } أي تمسكوا بشرعه عقيدة وعبادة وخلقاً وأدباًَ وقضاءاً وحكماً، وقوله تعالى: { هُوَ مَوْلاَكُمْ } أي سيدكم ومالك أمركم { فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ } هو سبحانه وتعالى { وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ } أي الناصر لكم ما دمتم أولياءه تعيشون على الإِيمان والتقوى.

السابقالتالي
2