الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ } * { وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ } * { وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } * { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } * { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ }

شرح الكلمات:

وإن يكذبوك: أي إن يكذبك قومك فقد كذبت قبلهم قوم نوح إذاً فلا تأس إذ لست وحدك المكذب.

وأصحاب مدين: هم قوم شعيب عليه السلام.

وكذب موسى: أي كذبه فرعون وآله الأقباط.

فأمليت للكافرين: أي أمهلتهم فلم أُعجل العقوبة لهم.

ثم أخذتهم: أي بالعذاب المستأصل لهم.

فكيف كان نكير: أي كيف كان إنكاري عليهم تكذيبهم وكفرهم أكان واقعاً موقعه؟ نعم إذ الإِستفهام للتقرير.

فهي خاوية على عروشها: أي ساقطة على سقوفها.

بئر معطلة: أي متروكة لا يستخرج منها ماء لموت أهلها.

وقصر مشيد: مرتفع مجصص بالجص.

فإنها لا تعمى الأبصار: أي فإنها أي القصة لا تعمى الأبصار فإن الخلل ليس في أبصارهم ولكن في قلوبهم حيث أعماها الهوى وأفسدتها الشهوة والتقليد لأهل الجهل والضلال.

معنى الآيات:

مازال السياق الكريم في دعوة قريش إلى الإِيمان والتوحيد وإن تخللته إرشادات للمؤمنين فإنه لما أَذِن للمؤمنين بقتال المشركين بين مقتضيات هذا الإِذن وضمن النصرة لهم وأعلم أن عاقبة الأمور إليه لا إلى غيره وسوف يقضي بالحق والعدل بين عباده يوم يلقونه. قال لرسوله صلى الله عليه وسلم مسلياً له عن تكذيب المشركين له: { وَإِن يُكَذِّبُوكَ } أيها الرسول فيما جئت به من التوحيد والرسالة والبعث والجزاء يوم القيامة فلا تأس ولا تحزن { فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ } أي قبل مُكذِّبيك من قريش والعرب واليهود { قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ } قوم هود { وَثَمُودُ } قوم صالح { وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ } أيضاً مع ما آتيناه من الآيات البينات، وكانت سنتي فيهم أني أمليت لهم أي مددت لهم في الزمن وأرخيت لهم الرسن حتى إذا بلغوا غاية الكفر والعناد والظلم والاستبداد وحقت عليهم كلمة العذاب أخذتهم أخذ العزيز المقتدر { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } ، أي انكاري عليهم؟ كان وربّك واقعاً موقعه، وليس المذكورون أخذت فقط.. { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ } عظيمة غانية برجالها ومالها وسلطانها { أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ } أي ضالعة في الظلم أي الشرك والتكذيب { فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } أي ساقطة على سقوفها، وكم من بئر ماء عذب كانت سقيا لهم فهي الآن معطلة، وكم من قصر مشيد أي رفيع مشيد بِالجص إذ مات أهله وتركوه هذا ما تضمنته الآيات الأربع [42، 43، 44، 45] أما الآية الأخيرة من هذا السياق فالحق عز وجل يقول { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } حاثاً المكذبين من كفار قريش والعرب على السير في البلاد ليقفوا على آثار الهالكين فلعل ذلك يكسبهم حياة جديدة في تفكيرهم ونظرهم فتكون لهم قلوب حية واعية يعقلون بها خطابنا إليهم ونحن ندعوهم إلى نجاتهم وسعادتهم أو تكون لهم آذان يسمعون بها نداء النصح والخير الذي نوجهه إليهم بواسطة كتابنا ورسولنا، وما لهم من عيون مبصرة بدون قلوب واعية وآذان صاغية فإن ذلك غير نافع { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ }.

السابقالتالي
2