الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ } * { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَٱلصَّٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمْ وَٱلْمُقِيمِي ٱلصَّلَٰوةِ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ } * { وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ }

شرح الكلمات:

منسكاً: أي ذبائح من بهيمة الأنعام يتقربون بها إلى الله تعالى، ومكان الذبح يقال له منسك.

فله أسلموا: أي انقادوا ظاهراً وباطناً لأمره ونهيه.

وبشر المخبتين: أي المطيعين المتواضعين الخاشعين.

وجلت قلوبهم: أي خافت من الله تعالى أن تكون قصَّرتْ في طاعته.

والبدن : جمع بدنة وهي ما يساق للحرم من إبل وبقر ليذبح تقرباً إلى الله تعالى.

من شعائر الله: أي من أعلام دينه، ومظاهر عبادته.

صوآف: جمع صافَّة وهي القائمة على ثلاث معقولة اليد اليسرى.

فإذا وجبت جنوبها: أي بعد أن تسقط على جنوبها على الأرض لا روح فيها.

القانع والمعتر: القانع السائل والمعتر الذي يتعرض للرجل ولا يسأله حياء وعفة.

كذلك سخرناها: أي مثل هذا التسخير سخرناها لكم لتركبوا عليها وتحملوا وتحلبوا.

لعلكم تشكرون: أي لأجل أن تشكروا الله تعالى بحمده وطاعته.

لن ينال الله لحومها: أي لا يرفع إلى الله لحم ولا دم، ولكن تقواه بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه.

لتكبروا الله على ما هداكم: أي تقولون الله أكبر بعد الصلوات الخمس أيام التشريق شكراً له على هدايته إياكم.

وبشر المحسنين: أي الذين يريدون بالعبادة وجه الله تعالى وحده ويؤدونها على الوجه المشروع.

معنى الآيات:

ما زال السياق في توجيه المؤمنين وإرشادهم إلى ما يكملهم ويسعدهم في الدارين فقوله تعالى: { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً } أي ولكل أمة من الأمم السابقة من أهل الإِيمان والإِسلام جعلنا لهم مكان نسك يتعبدوننا فيه ومنسكاً أي ذبح قربان ليتقربوا به إلينا، وقوله: { لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ } أي شرعنا لهم عبادة ذبح القربان لحكمة: وهو أن يذكروا اسمنا على ذبح ما يذبحون ونحر ما ينحرون بأن يقولوا بسم الله والله أكبر. وقوله تعالى: { فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } أي فمعبودكم أيها الناس معبود واحد { فَلَهُ أَسْلِمُواْ } وجوهكم وخصوه بعبادتكم ثم قال لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم { وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ } برضواننا ودخول دار كرامتنا ووصف المخبتين معرفاً بهم الذين تنالهم البشرى على لسان رسول الله فقال { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ } لهم أو بينهم { وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } أي خافت شعوراً بالتقصير في طاعته وعدم أداء شكره والغفلة عن ذكره { وَٱلصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمْ } من البلاء فلا يجزعون ولا يتسخطون ولكن يقولون إنا لله وإنا إليه راجعون، { وَٱلْمُقِيمِي } الصلاة أي بأدائها في أوقاتها في بيوت الله مع عباده المؤمنين ومع كامل شرائطها وأركانها وسننها { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } مما قل أو كثر ينفقون في مرضاة ربهم شكراً لله على ما آتاهم وتسليماً بما شرع لهم وفرض عليهم.

وقوله تعالى: { وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ } أي الإِبل والبقر مما يُهدى إلى الحرم جعلنا ذلكم من شعائر ديننا ومظاهر عبادتنا، { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } عظيم وأجر كبير عند ربكم يوم تلقوه إذ ما تقرب متقرب يوم عيد الأضحى بأفضل من دم يهرقه في سبيل الله وعليه { فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا } اي قولوا بسم الله والله أكبر عند نحرها، وقوله: { صَوَآفَّ } أي قائمة على ثلاثة معقولة اليد اليسرى، فإذا نحرتموها ووجبت أي سقطت على جنوبها فوق الأرض ميتة { فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ } الذي يسألكم { وَٱلْمُعْتَرَّ } الذي يتعرض لكم ولا يسألكم حياءاً، وقوله تعالى: { سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ } أي مثل ذلك التسخير الذي سخرناهم لكم فتركبوا وتحلبوا وتذبحوا وتأكلوا سخرناهم لكم من أجل أن تشكرونا بالطاعة والذكر.

السابقالتالي
2