الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ فَاسْئَلُوۤاْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ } * { ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ ٱلْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَآءُ وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ } * { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

شرح الكلمات:

قبلك: يا محمد.

أهل الذكر: أي الكتاب الأول وهم أهل الكتاب.

جسداً: أي أجساداً آدمية.

الوعد: أي الذي واعدناهم.

المسرفين: أي في الظلم والشرك والمعاصي.

كتاباً: هو القرآن العظيم.

فيه ذكركم: أي ما تذكرون به ربكم وما تذكرون به من الشرف بين الناس.

معنى الآيات:

كانت مطالب قريش من اعتراضاتهم تدور حَوْلَ لِمَ يكون الرسول بشراً، ولِمَ يكون رسولاً ويأكل الطعام لم لا يكون له كنز أو جنة يأكل منها، لم لا يأتينا بآية كما أرسل بها الأولون، وهكذا. قال قتادة قال أهل مكة للنبي صلى الله عليه وسلم " وإذا كان ما تقوله حقاً ويسرك أن نؤمن فحول لنا الصفا ذهبا، فأتاه جبريل فقال إن شئت كان لبذس سألك قومك، ولكنه إن كان ثم لم يؤمنوا لم ينظروا " أي ينزل بهم العذاب فوراً " وإن شئت استأنيت بقومك، قال بل استأني بقومي فأنزل اللهمَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } [الأنبياء: 6].

وقوله تعالى: { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ } يا رسولنا { إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ } ما نريد إبلاغه عبادنا من أمرنا ونهينا. { فَاسْئَلُوۤاْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } أي فليسأل قومك أهل الكتاب من قبلهم وهم أحبار اليهود ورهبان النصارى إن كانوا لا يعلمون فإنهم يعلمون أن الرسل من قبلهم لم يكونوا إلا بشراً. وقوله تعالى: { وَمَا جَعَلْنَاهُمْ } أي الرسل { جَسَداً } أي أجساداً ملائكية أو بشرية لا يأكل أصحابها الطعام بل جعلناهم أجساداً آدمية تفتقر في بقاء حياتها إلى الطعام والشراب فلم يعترض هؤلاء المشركون على كون الرسول بشراً يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟ وقوله تعالى: { ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ } أي أولئك الرسل { ٱلْوَعْدَ } الذي وعدناهم وهو أنا إذا آتينا أقوامهم ما طالبوا به من المعجزات ثم كذبوا ولم يؤمنوا أهلكناهم { فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَآءُ } أي أنجينا رسلنا ومن آمن بهم واتبعهم، وأهلكنا المكذبين المسرفين في الكفر والعناد والشرك والشر والباطل.

وقوله تعالى: { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }؟ يقول تعالى لأولئك المشركين المطالبين بالآيات التي قد تكون سبب هلاكهم ودمارهم { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ } لهدايتكم وإصلاحكم ثم إسعادكم { كِتَاباً } عظيم الشأن { فِيهِ ذِكْرُكُمْ } أي ما تذكرون به وتتعظون فتهتدون إلى سبيل سلامتكم وسعادتكم، فيه ذكركم بين الأمم والشعوب لأنه نزل بلغتكم الناس لكم فيه تبع وهو شرف أي شرف لكم. أتشتطون في المكايدة والعناد فلا تعقلون، ما خير لكم مما هو شر لكم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- تقرير مبدأ أن الرسل لا يكونون إلا بشراً ذكوراً لا إناثاً.

2- تعين سؤال أهل العلم في كل ما لا يعلم إلا من طريقهم، من أمور الدين والآخرة.

3- ذم الإِسراف في كل شيء وهو كالغلو في الشرك والظلم.

4- القرآن ذكر يذكر به الله تعالى لما فيه من دلائل التوحيد وموعظة لما فيه من قصص الأولين وشرف أي شرف لمن آمن به وعمل بما فيه من شرائع وآداب وأخلاق.